السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

المحادثات خُلُق وذوق

1 عندما نجتمع مع أحد بشكل غير محسوب، فلا نتوقّع بالغالب ماذا سيكون مسار الحديث، قد نبدأ بالعموميات، أو بأحداث طارئة، ثم قد يأخذ الحديث طريقاً لم يكن بالحسبان، والبعض قد يحاول إضفاء بعض من الجو المرح اللطيف بزعمه مستخدماً الفكاهة، لكن بطريقة غير لائقة، أقرب ما تكون للسماجة والوقاحة، برأيه أنه يساعد أو يمهّد للمحادثة، لكنه بحقيقة الأمر يجعلها أسوأ، ويثير في نفوس الآخرين عدم الراحة والامتعاض، حتى بدون أن يتكلّموا، ويظهر جليّاً على قسمات الوجوه، ولو كان الشخص من المقرّبين، فلربّما أشرتَ إليه بطريقة أو بأخرى ليتجاوز هذا الأسلوب، أمّا لو كان شخصاً لا تعرفه، وجمعتك به الصدفة أو ظرف ما، فيمكنك الرد عليه بشكل حذر. فالإنسان لا يستطيع أن يهذّب سلوك الآخرين، هذا السلوك الذي اعتادوا عليه زمناً طويلاً حتى أصبحوا على مثل هذه الحالة، ولن يستطيع أحد إصلاح الأمر بكلمة واحدة، ويجب أن يكون الهدف مساعدتهم على رؤية ما يفعلونه، وليس بشكل نقدي لن يغيّر من الأمر شيئاً، ومن المفروض كذلك أن تُصاغ الردود بمهارة لباقة، وبنوع من الود، حتى لا تأخذ المحادثة اتجاهاً غير مرغوب به. 2 وقد يوجد في الجلسة من يتحدّث كثيراً، بحيث أنه لا يترك المجال لأحد، وكأن المجال مفتوح له فقط وعلى الآخرين الانصياع والاستماع، وحتى لو أردت تغيير دفة الحديث أو المشاركة، سيعود للإمساك بتلابيبه، ويعود لقيادته المرهقة لنفوس الموجودين، الذين قد يتبادلون النظرات باستهجان وحيرة. أمّا الأنكى من ذلك، فماذا ستقول، أو تكون ردّة فعلك لمن يقاطعك باستمرار، ليأخذ دفة الحديث إلى اتجاه مختلف تماماً، ومن الممكن التغاضي أحياناً عن المقاطعة العرضية، وهذا وارد في المحادثات. أما إذا استمر في هذه الواقعة، فمن الأفضل أن تطلب من هذا الشخص المقاطع بشكل صريح أن يدعك تنهي فكرتك أو رأيك، قبل الانتقال إلى محور آخر، لأن الحديث ليس فردياً، وإنما هو حوار مشترك به من تضمّهم الجلسة. 3 ليس هناك ضمانات مسبقة لنجاح أي محادثة، فالإنسان يستطيع السيطرة على اختياراته، على حين لا يستطيع التحكّم في اختيارات الآخرين، والهدف بعد ذلك محاولة إنجاح المحادثة، وإن لم تفلح كل المحاولات اللبقة والجادة، وبقي الطرف الآخر على تعنّته وحدّته، فمن الأجدى الاستئذان بشكل لطيف والانصراف، والتعلّم من هذا اللقاء واستخدامه نتائجه الإيجابية، وتجاوز سلبياته للمقبل فيما بعد. فالتعامل مع الآخرين فن وذوق وخُلُق قبل أن يكون علماً. كاتب وقاص