الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بوية ولكن (2)

في الجزء الأول من المقال لم أكن أسعى للتعاطف مع «البويات» إلا أنها حقّاً باتت مشكلة فاقعة تؤرق الآباء وتُهدد الأسر وتُشوه المجتمع، مشكلة تحتاج إلى دراسة وحلول عملية سريعة، للحدّ من هذه الظاهرة التي باتت تتفشى بشكل مُرعب ومخيف، كانت المقالة تتضمن تصويراً لحوار دار بيني وبين إحدى «البويات» والتي أعرف عائلتها عن كثب وأعلم ظروفها بشكل يقيني، للأمانة أتعاطف معها ولكن التعاطف وحده لا يكفي لحل الأزمة، وفي الوقت الذي نتوقع فيه أن تتكاتف مؤسسات اجتماعية وإعلامية لحل الأزمة، نتفاجأ بعكس ذلك. فقد تفشّت مؤخراً ظاهرة «الجنس الثالث» في المجتمع، فلا نكاد نرتاد مكاناً عاماً إلا ويُصادفنا أحدهم، هذا علاوة على المسلسلات الأجنبية التي تُروج بشكل مستمر لفكرة الاعتراف بهم وتُبث على قنوات عربية، ولكن أن يصل الأمر إلى مسلسل لبناني، تتفاجأ الأم من خلال أحداث المسلسل أن ابنها شاذ، فتصرخ وتلطم وتولول وتُشفي صدورنا من فرط محاربتها لوضعه، إلا أن تلك المحاربة لم تكن سوى طعم، الهدف منه استدراج الجمهور، لتأخذهم تدريجياً نحو تقبّل طبيعته والاعتراف بها كجنس طبيعي لا خلل فيه، وتُصور أن الخلل الأساسي في فِكر المجتمع حين يرفضهم ويُضيّق عليهم حرياتهم. بصراحة إن أقل ما تشعر به أمام هذه المشاهد هو التقزز والغثيان، فضلاً عن التساؤلات التي تُفجر ينابيع الغضب بداخلك، ما هدف قناة عربية وخليجية على وجه الخصوص من وراء عرض مسلسلات تروّج لمثل هذا الفكر الشاذ؟ إلى أي مستنقع تريد جر المجتمع؟ وبماذا سيُرضيها أن ترى الفِطر البشرية المنتكسة في أبناء وبنات مجتمعها؟ أين مقص الرقيب عن هذه المشاهد؟ هل صدِئ أم أنه مشغول بقص الألسنة التي تغتابه سراً؟ نحتاج وقفة جادة وعملية مع مثل هذه القنوات التي يُشاهدها الصغار والكبار، ويتطبع بطباعها الكثير من أفراد المجتمع، ما زلت أتذكر المسلسل الكرتوني «ماجد» وكيف أن أنفه كان يطول حين يكذب، نشتاق لمثل هذه البرامج العفوية والجميلة التي تزرع القيم وتعزز المبادئ والقناعات الجميلة.