الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

كان المعلم أكبر قدراً .. والطالب أكثر علماً

يتزايد الحديث عن مستوى التعليم في بلادنا العربية، ويرى الخبراء أن تقدم الدول مربوط بمستوى التعليم فيها، كما تثبت كل الدلائل صحة ذلك، وتزداد الإحصاءات التي تؤكد تدني هذا المستوى في البلاد العربية بتفاوت، ولكنها بالمجمل تصل إلى أدنى المستويات عالمياً، وكلما زاد الحديث في هذا الشأن، نشط وزراء التعليم الغيورون لوضع الخطط والقرارات لحل المشكلة، فينتج عن ذلك أحياناً قرارات تلزم المعلمين بمهام إضافية، تزيد العبء عليهم، والهدف هو مصلحة التعليم، وتطور التحصيل عند الأبناء. ويوماً بعد يوم، يزداد معدل الحصص، إلى جانب أعباء العمل الإضافيّة التي تُلْقى على كاهلِ المعلّمين، من أعمال مكتبيّة متعلّقة بإصدار التّقارير، وتحضير الوسائل، وخطط الدّروس، وإعداد الاختبارات، وما يرافق هذا الإعداد من جهد كبير، كي تلائم الاختبارات المعايير التّربويّة، بالإضافة إلى قائمة طويلة لا تنتهي من المهامّ اليوميّة، فهذه أنشطة، وهذه خطط للمتفوقين، وهذه خطط لمتدني المستوى التحصيلي، وهذه خطط فردية لذوي الاحتياجات الخاصة. وعلى المعلم أيضاً أن يساعد الإدارة في بعض الأعمال، وأن يبتكر المبادرات الإيجابية، ووسائل الإيضاح الفنية والتقنية عالية المستوى، إضافة لتطبيقه نظام الاختبارات والتّقويم، وبنك الأسئلة، ولأن يومه مزدحم بالحصص، وجب عليه أن يأخذ العمل إلى البيت، لينجزه، ثم يتفرغ لتصحيح الاختبارات، والاطلاع على الكراسات، ومتابعة كتب التطبيقات للطلبة، وإن تبقى من الوقت حصة، فلا بأس في أن ينام. أما واجباته تجاه أبنائه، ومتطلبات الأسرة، فيمكنه استيفاؤها في الإجازة الأسبوعية، أو السنوية، رغم أنها الأخرى تتقلص سنة عن سنة، وكله يهون في سبيل المصلحة العامة، ولتقييم المصلحة العامة، لابد من تقصي النتائج لهذه القرارات، وهذا النشاط منقطع النظير. بالتقصي نجد أن مربّي الجيل الجديد، الأداة الأقوى، والمورد الأكثر فعاليّةً في بناء مجتمع أفضل، يتسم بالمعرفة والإبداع والقيم، نجدهم قد أُنهكت قواهم على مدى ساعات الدوام، إضافة لساعات طوال من العمل في البيت، ولم يعد بوسعهم شرح الدروس، واستيعاب هموم الطالب، فتتسع المسافة بينهم وبين الطالب المتلقي، مهما كانت نيات المعلم طيبة، ويرغب في أداء الدور الأساسي للمعلم في إيصال العلم والمعرفة بروح مشرقة، ذلك لأنه منطفئ داخلياً بسبب كثرة الأعباء عليه. وبالتالي فإن كثيراً من تلك القرارات لم ترفع من مستوى التحصيل، خصوصاً أن المقابل المادي لمهنة التعليم، لا يتساوى وحجم الجهد المطلوب من المعلم. من هنا صار لا بد من العمل على جعل مهنة التعليم جاذبة، ولعل الحلول موجودة لدى المدرسين الأوائل والقدامى، عندما كانت وظيفة المعلم تعني الهيبة والاحترام وعلو القدر، وكان الطلبة أكثر علماً ووعياً. [email protected]