الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«كفو يا وَلْدِيه»

من العبارات عبارات ما إن تطلقها الأفواه، وتدخل إلى المسامع إلا ويصبح صداها في كل محل؛ ومن هذه العبارات التي سمعتها أخيراً عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، «كفو يا ولديه»، في الدارجة الإماراتية تضاف (هاء السكت) بعد ياء المتكلم كثيراً، والتي كانت في معرض إجابة سموه على تحية أحد البواسل من أبناء دولة الإمارات، والمرابطين مع زملائهم من قوات التحالف العربي، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، لدعم الشرعية باليمن: «حنا عصاك اللي ما تعصاك»، بعد حلف سموه بربه: «قسم بالله إنا حاسدينكم، الله يحفظكم ويوفقكم»؛ بصراحة استوقفتني عبارة «كفو يا ولديه» كثيراً، وشدني جداً الترحيب الكبير بها، وظللت أبحث لمنطوقها عن مفهوم في وسط ما حولي، فوجدت أقرب ما وجدت أن سمو الشيخ محمد خبير ـ وأي خبير ـ بالتعبئة المعنوية، كما يقول الخبراء العسكريون خصوصاً.. التعبئة المعنوية قبل وأثناء القتال لرفع الروح المعنوية للجنود من آكد الأمور على القادة العسكريين، فالقائد مسؤول عن مناصحة جنوده، ومواصلة تذكيرهم، وترسيخ عدالة قضيتهم، وسمو أهدافهم، وشرف فعلهم، ومشاركتهم عاطفياً، واستمرار تحريضهم ـ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) ـ سورة الأنفال/ 65.. آيات أخرى حواها القرآن الكريم للدلالة على ما أسلفت كتابته نفسه، ومن ذلك قول المولى ـ سبحانه وتعالى ـ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ـ سورة البقرة ـ 153ـ ، وقوله تعالى: (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ـ سورة البقرة ـ 249 ــ وفي الحديث الشريف يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله تعالى يطير على متنه؛ كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه»، رواه الإمام مسلم وغيره، والهيعة الصوت الَّذِي تفزع منه وتخافه من عدو .. يقول القائد البريطاني (مونتجمري) في كتابه (الطريق إلى القيادة)، «إن أعظم عامل من العوامل المؤدية إلى تحقيق النجاح هو روح المقاتل، إنه لأمر مهم وجوهري أن يفهم المرء أن المعارك إنما تكتسب أولاً وقبل كل شيء في قلوب الرجال»، وهذا ـ وأكثر ـ هو الذي فعله بعباراته الشيخ محمد، سدد الله التحالف، وأنهى الأزمة اليمنية عاجلاً غير آجل. [email protected]