السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حامض «ميا خليفة» و«نصرالله»

لم يستطع اللبنانيون حتى الآن أن يتجاوزوا ما حدث من تشويه وتلطيخ لسمعتهم، جراء ما قامت به النجمة ميا خليفة، رغم مرور أشهر طويلة على ظهور حكايتها، وظروفها الشخصية التي دعتها أخيراً، لأن تتوج نجمة أولى على المواقع الإباحية. لبنان الذي يعاني بعض مواطنيه عقد نقص شديدة الوضوح، لأنه لا يعرف إلى أين يمكن لهُ أن ينتمي، إلى وحدة العروبة أم اللجوء إلى الإمبراطورية الأوروبية الليبرالية، الإنسانية، العنصرية، المسيحية، التكنولوجية. لذا، سريعاً ما يقرر أن يمحو ذاكرته حول وطنه، ويعزم على الهجرة مذهولاً ومعجباً بالتجربة الغربية، ولكن للأمانة الشديدة، الجالية اللبنانية تعتبر أكثر الجاليات في العالم، مسالمة وبعداً عن المشاكل الطائفية والعرقية. عقد النقص التي تكونت بداخل الكثير من اللبنانيين منذ بدايات القرن الماضي، خلفت في داخلهم الرغبة في إتمام مشروع التغيير، فقام بعضهم بإطلاق أسماء أجنبية على أطفاله، فبدلاً من خليل وزكي وسمير، تحولت الأسماء إلى جان وجو وطوني وسبستيان، حتى يصبح الاسم هو جواز سفره الأول إلى حيث يود أن يكون، وحينما يقرر مثلاً الاستقرار في أحد الأوطان الخليجية أو العربية، يتعامل عدد منهم بشيء من التعالي والغرور. وجاءت ميا خليفة فجأة كإعصار لا حد لهُ، بثقافة تافهة، وتمجيد أحمق لوطنها الأم، واعتزازها وفخرها بأنها حققت ما لم تحققه امرأة لبنانية أخرى، وذلك باستحقاقها المركز الأول بين نجمات الإباحية. لبنان الآن أكثر تورُّطاً من ذي قبل، فهو يجلس الآن على حافة البركان، ما بين وجود رجل كحسن نصرالله، وبين عته نجمة البورنو ميا خليفة، وبين شعوره العميق بأنه لا يريد أن يفقد ما اعتاد عليه، من ماض يدق أجراس الكنيسة، ويمده بشعور عميق بالغطرسة. وحينما قامت النجمة المكسيكية ذات الأصول اللبنانية، سلمى حايك، بزيارة لبنان أخيراً، كان يود البعض أن يعيد شيئاً من أمجاده القديمة، وأن يقول بأن اللبنانيين يمكن لهم أن يتسيدوا العالم، وأن حايك وجبران هما من نجومنا البراقين، أما خليفة ونصرالله فهما قد خرجا من أرض لا تمت لنا بصلة. أتعاطف كثيراً مع اللبنانيين، أتعاطف مع الهوية التي لا تعرف كيف يمكن لها أن تحددها، وفشلها في منع بعض الأشخاص من تمثيلها، أو التحدث باسمها، وهو أمر أشبه بالحلم، فلا يمكن أن تقرر لبنان أن تبقى دوماً، بذاكرة أشبه بطعم الزيتون واللوز الحامض. [email protected]