الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حكاية عرس دمشقي

يبدو أن تفصيلات الأعراس الدمشقيّة القديمة التي نشاهدها من خلال المسلسلات التاريخيّة السورية، أجبرت الكثيرات من صديقاتي على الاستفسار والسؤال عن حقيقتها. بصراحة كل ما يظهر على شاشة التلفزيون من تفاصيل لهذه الليلة الرائعة هي حقيقة واقعة، ولكن السؤال الأهم برأيي هو: منذ متى يُقيم الدمشقيون حفلات الزفاف بهذه الطريقة، وما التفاصيل الأخرى؟ كتاب «علماء المماليك، مهرجان وطقوس العبور: عادات الزمان في القرن الـ 15 في دمشق»، يحوي تفاصيل كثيرة عن الأعمال والعادات، وأهمّ التحضيرات التراثية حيث يبدأ الأمرُ كما هو مُدون بتفاوض العائلتين، فإذا ما نجحت يكون هذا الاتفاق بمثابة خطوة رسمية أولى تقومُ بها الأُسرتان لِلَمّ شمل ولديهما، فيُؤتى بمنديلٍ من الحرير، مكتوبٌ عليه عقد الزفاف، يوقّع عليه الوالدان، كجزءٍ أساسي من الخطوبة، وغالباً ما تكون في بيت عائلة العروس. أما يوم الزفاف، فترتدي العروسُ أفره ثيابها وأحلاها، وتتزيّن بالحليّ والعطور، ويُصفّف شعرها بالتعاون مع نساء أسرتها، أما العريس فيرسل نساء أسرته لجلب العروس من منزلها، حيث يتجمهرُ الناس وهم يشاهدون العروس تطلّ على عائلتها الجديدة، ومن ثم ينطلق موكبُ العروس جنباً إلى جنب مع الهدايا التي اشتراها العريس لها. بصفة عامة، نلاحظ أن الزفاف في أيامنا هذه متشابه نوعاً ما، ولعلّ معظم العادات الدخيلة التي نراها اليوم هي نتيجة تأثرنا بالثقافة التركية، فربما عادات «العراضات الشامية» و«الزغاريد» والفصل بين النساء والرجال وغيرها، كلها تشكلت في العهد العثماني، كما اختفت عادات الدف والسيف وموكب العروس المفعم بالفخر واحتفالات الناس. وبنظرةٍ إلى الماضي، فإننا نرفع القبعات لجداتنا وأمهاتنا على توارث هذه العادات الجميلة التي تزيّن حفل الزفاف السوري مهما اختلفت الأماكن والمدن، وليتأكد من خلالها قوة المرأة السورية ودورها في النهوض بمجتمعها، وتفكيرها الإيجابي وجعل الحياة تبدو أجمل وأحلى في ليلةٍ سيتذكرها العروسان لأمدٍ بعيد.