الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الخيانة

1 كلمة وقعها على الأسماع غير مريح للنفس، وتثير الغثيان، بل ويُنظر إلى مرتكبها نظرة ازدراء لا حدود لها، وهي قبل أن تكون فعلاً أو تصرّفاً، هي خُلُق متأصل في نفس مرتكبها، قد تكون مختبئة إلى أن يظهرها ظرف للوجود متمثّلة بفعل على أرض الواقع، والخيانة مرتبطة بالغدر، وكلاهما عملة ذات وجه واحد، وتبدأ من دائرة العمل الفردي لتتوسّع وتشمل دوائر أوسع، وأشدّها خطراً إذا شملت وطناً. 2 ويمتلئ التاريخ بالقامات السامقة التي تركت بصمتها المشرّفة، كما يحفل بنماذج لخونة باعوا ضمائرهم، وتآمروا على أوطانهم بدون وازع من ضمير أو خلق، لقاء مكافأة، بل بمعنى أدق ثمناً لخيانتهم. سأعرض نماذج لخونة تخلّوا عن أوطانهم في الوقت الذي يحتاجه الوطن لقاء عرض دنيء كدناءة أنفسهم: أبو رغال: واحد من عرب الجاهلية، وهو الوحيد الذي قبل أن يتعاون مع قوى الغزو الأجنبية، في عام 750م، في العام الذي وُلد فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وكان دليلاً لجيش أبرهة الحبشي القادم لهدم الكعبة؛ البيت الحرام، وليصرف العرب عن أقدس مقدّساتهم، لكنّه والخونة، نسوا أن للبيت ربّاً يحميه، وحل به ما حلّ بالجيش من رمي بحجارة من سجّيل ترميها طيور أبابيل. وبقي مكان قبره رمزاً لكل شيطان مريد، كلّما مرّ عليه العرب رموه بالحجارة. بروتوس: الصديق والنصير والابن الذي لم ينجبه إمبراطور روما «يوليوس قيصر»، كان من أوائل زمرة المتآمرين عليه، ومن قتَلتِه، عام 44 ق.م. ذهب القيصر وبقيت مقولته الشهيرة على ألسنة الناس في كل زمان ومكان: «حتّى أنت يا بروتوس؟»، بينما ظل القاتل رمزاً عبر التاريخ للخيانة والغدر. وللقائمة تتمّة.