الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الطلقة الأخيرة

يؤمن بأن الشعر لغة النفس والشاعر ترجمانها، معتبراً الإبداع هبة أودعها الخالق في ذات الإنسان المبدع. يمتطي صهوة جواد الشعر بعاطفة مشوبة بحب الوطن ومسكونة بمزيج من الرومانسية والرقة، متميزاً بوقع الكلمة وعمق المعنى. يحاكي بشعره جماليات الحياة والأرض والوطن، ناشداً تهذيب النفوس وإشاعة الجمال بشتى أنواعه .. إنه الشاعر الإماراتي كريم معتوق. جذب صوته الجهوري الممسرح عقول ملايين الناس حتى فاز شعره وإلقاؤه بلقب أمير الشعراء في أول دورة للبرنامج عام 2007. عرف بثقافته العالية وبجرأته على خوض غمار السرد أيضاً رواية وقصة قصيرة، بل وجرب كتابة السرد شعراً، وأصدره في ديوان تحت عنوان «رحلة الأيام السبعة». أصدر دواوين عدة منها «مناهل، طوقتني، طفولة، مجنونة، حكاية البارحة، السامري، هذا أنا، أعصاب السكر، الطلقة الأخيرة، وخذلتك الأمة». أفصح في حواره مع «الرؤية» عن اعتزامه إصدار ديوان جديد تحت عنوان «ماء» وكتاب «سيرة ذاتية تشبهني». واعتبر الغزل هو الأيديولوجيا الوحيدة التي يمكن الإبحار فيها من دون مزاحمة الشعر، مشيراً إلى أن الذائقة العربية تطرب للوزن والشعر الموزون على القافية. وتطرق إلى أن الشعر الفصيح هو الأقدر على خلق حالة شعرية كبيرة أكثر من الشعبي، معتبراً التابوهات قيوداً تزيد مهارة الشاعر وقدرته على نظم القصيد. «الرؤية» التقته وتالياً نص الحوار: ـ كيف تقيم حالة الشعر الإماراتي اليوم؟ ـ جيدة وذات مكانة ومهمة مرتفعة، القصيد فيها ملتحم التحاماً عضوياً وفنياً مع الحراك الشعري في الوطن العربي، إذ إن المؤثرات مشتركة. ـ برأيك هل الأدب الشعري يورث؟ ـ ليس هناك توريث جيني للحالة الأدبية أوالإبداعية، فالأدب شأن فردي، والشعر وزن ولفظ وموهبة، والإبداع هبة أودعها الخالق في ذات الإنسان المبدع. ـ ماذا عن نجوم الساحة الشعرية الإماراتية؟ ـ ساحة الإمارات زاخرة بالمبدعين في مختلف الاتجاهات الشعرية أمثال عارف الخاجة، حبيب الصايغ، إبراهيم محمد إبراهيم، عبدالله الهدية، وسالم الزمر، والقائمة تطول. ـ من قارئ الشعر الحر برأيك؟ وهل تعتقد أن دواوينه مطلوبة؟ ـ بالنسبة للشعر الحديث إذا كنت تقصدين قصيدة النثر، فأعتقد أن الذائقة العربية ما زالت تطرب للوزن، وحيثما يغيب الوزن لا تجد الشعر فيما تسمعه أو تقرأه، إذ أثبتت التجارب عزوف المتلقين عنه حين يلقى على المنبر، وهناك عدد قليل جداً ممن يستمتع بقراءة كتبه، وتبقى مكانته أقل بكثير في الساحة العربية عن مكانة الشعر الموزون، وهذا لا يمنع أن تكون هناك كتابات وأن يكون لها قراء. ـ برأيك هل يتركز الشعر في الإمارات بحسب الإمارة أو المدينة؟ ـ لا يمكن أبداً أن يتركز الشعر في منطقة من دون الأخرى، ولم أسمع في حياتي أن الأدباء يمكن أن يصنفوا بحسب مناطقهم الجغرافية، الموهبة تفصح عن نفسها وشعرها لكل زمان ومكان، ونحن في الإمارات أذبنا كل الفوارق على الصعيد الاجتماعي والفني والأدبي بين المثقفين والأدباء منذ أزمنة مديدة، ما عدا الجانب الرياضي الذي يتمتع بهذه الخصوصية بشكل محبب. ـ فزت بلقب أمير الشعراء، هل ما زلت منتشياً بهذا التتويج؟ ـ لا توجد نشوة مستمرة، ففرحة الرجل بالزواج تنتهي بعد أشهر، وابتهاج أي شخص بالوظيفة ينتهي أيضاً عقب التحاقه بها بأيام، لكنني لا أعيش النشوة بل أستثمر النجاح الذي قدمه لي البرنامج ما أسهم في دفع مسيرتي نحو الوطن العربي بشكل أكبر مما كان قبل المسابقة. ـ فعلياً ما الذي تحقق؟ ـ ترتب على ذلك مشاركاتي في أمسيات ومهرجانات في أغلب بلدان الوطن العربي، وعلى صعيد الكتابة فقد انشغلت بإصدار مجموعات كثيرة منذ عام 2008 حتى الآن، إذ صدر لي دواوين «أعصاب السكر، قسطرة، هذا أنا، رحلة الأيام السبعة، سوانح، ورحلة ابن الخزار». ـ ما مشاريعك المستقبلية؟ ـ أعكف على إصدار ديوان جديد تحت عنوان «ماء»، إلى جانب إصدار كتاب «سيرة ذاتية تشبهني» وهما قيد الطبع حالياً. ـ ذكرت سابقاً أن الشعر لا يؤخذ بالنيات الحسنة مستشهداً بمقولة الأصمعي أنه «شر إذا ما دخله الخير فسد» فمن تقصد؟ ـ بالفعل أشير إلى انتفاء المعايير في الكتابات الحديثة، خصوصاً ما يسمى بقصيدة النثر التي جعلت أي فتى أو شاب يفكر في كتابة ما يسمى شعراً، ليزعم أنه شاعر، متناسين أن الشعر وزن ولفظ وموهبة وليس علماً، والدليل عدم مقدرة مدرسي اللغة العربية ممن يتقنون بحور الشعر والنحو كتابة القصيدة الموزونة. ـ كتبت الفصيح والشعبي، أيهما أكثر تجسيداً للصورة؟ ـ أرى القصيدة الشعبية مباشرة تذهب للمعنى فور انتهاء البيت، بخلاف الفصيحة التي قد تصل للمتلقي بعد ثوان، من هنا أجد الشعر الفصيح هو الأقدر على خلق حالة شعرية كبيرة أكثر من الشعبي. ـ يقال أنك تمسرح القصيدة عند الإلقاء، إلى أي مدى يؤثر الإلقاء بتقبل جودة ما يقدم من الشعر المنبري؟ ـ يؤثر كثيراً، فقد تصل القصيدة على المسرح عند المتلقي إلى مكانة في ذوقه أكبر مما عليه عند قراءتها، فالشعر نشأ فناً ووزناً وإلقاءً بالدرجة الأولى. ـ كيف تعاملت مع التابوهات؟ ـ التابوهات قيود تزيد من مهارة الشاعر المجيد، فهناك تابوهات مقدسة في الدين، عدم الاقتراب منها هو في الظاهر تقليص لخيال الشاعر ومواضيعه، لكن الإبداع الحقيقي أن تبدع من خلال القيود، وأول القيود على الشاعر هو الوزن والنحو، ثم تأتي التابوهات الأخرى. ـ بين السرد في القصة والرواية والشعر، أيهم أوفى لمشاعرك وأقرب لحريتك في البوح؟ ـ الرواية هي الوعاء القادر على حمل أفكاري الاجتماعية والنفسية، وأيضاً آرائي الشخصية، ولا شك أن السرد هو العمود الفقري للعمل الروائي وللقصة القصيرة بدرجة أقل، وليس الشعر مجالاً للسرد، وهكذا كان ديوان العرب إلا ما ندر، أما بالنسبة لتجربتي فقد كتبت السرد شعراً، وأصبح لدي تراكم إبداعي يمكن أن أشير إليه بقصائد كثيرة أهمها ديوان خاص تحت عنوان «رحلة الأيام السبعة». ـ ما رأيك في الإبحار في الغزل؟ ـ الغزل هو الأيدولوجيا الوحيدة التي يمكن الإبحار فيها من دون مزاحمة الشعر، لكن الذائقة العربية تطرب للوزن والشعر الموزون على القافية.