السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

خصوصية الشر

لو افترضنا أن عائلة ابتليت بفرد مختل ومنحرف، وفيه من الشر ما لا يخطر على قلب شيطان، في حين أن بقية أفراد العائلة فيهم من الصلاح والبر والتقوى والخير، ما يجعل الأرض تخشع لوقع خطواتهم، ماذا يمكن أن نسمي التوجس منهم؟ ومقاطعتهم عقاباً لهم على بلواهم! وماذا نكون إن قررنا معاقبتهم جميعاً بذنب ذاك الفرد الفاسد؟ أليست معادلة ظالمة، وأبعد ما تكون عن الإنسانية، وتشي بخلل عميق في الضمير، بل يمكن أن نسمع شخيره في غفوة أشبه ما تكون موتاً لا يقظة بعده؟! وأين توارى زعمنا أن كل إنسان يحمل وزره وحده؟ وأين معايير التكليف الفردية التي نتشدق بها على مر الزمان؟ ماذا نكون عندما نعمم على جماعة ما أنها خطيرة على البشرية لمجرد أن بعض منابرها تنشر الكراهية وتسعر نيران الحرب؟ وفي المقابل نحاسبهم جميعاً بحرب إعلامية جبارة مقلقة من أولهم لآخرهم، أي عار هو أن يُرفض البشر ويحاكموا لأن فيهم قلة مختلة! الثقافة التي تعيش على مبدأ «الخير يخص والشر يعم» تضعنا في موقف العاجز تماماً عن التعايش، مبدأ تم عكسه لشرعنة العقاب الجماعي، والتدمير الكلي، وحرق الأخضر واليابس، عوضاً عن بتر منطقة العفن المتضررة، وعقوبة صاحب الجنحة وحده، فما ذنب جماعته ومذهبه ومنطقته، إن كان غير صالح للعيش الآدمي! الحق والعدالة تقول إن «الشر يخص والخير يعم» لأن الأصل في الإنسان الخير وليس الشر، لأن عدد الصالحين يفوق عدد المجرمين، لأن الحياة سلام في أغلبها وليست حرباً عارضة، لأن الحب يقهر الكراهية ويدحرها، لأن الرحمة تكسر القسوة، لأن عدد البيوت التي يسكنها بشر طبيعيون يفوق عدد السجون، لأن الخطأ سلوك فردي ولا يمكن محاسبة الآخرين دون مشاركتهم وبمحض إرادتهم، لأن الحياة لا يمكن أن تستمر بخير إن كنا سنجبر الجماهير على أن تدخل حرباً ضروساً مع الفاسدين حتى لا يشملهم العقاب الجماعي. كتلك الانتقادات التي تشعلها الأقلام والمنابر، لعادات الآخرين ومعتقداتهم وشعائرهم، فتدفع الجماهير الغاضبة لتغييرها بأي وسيلة، أليست تجيشاً وتبريراً للوسائل من أجل غايتهم المعتلة! [email protected]