الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

القصة المنسية

يبدو أن مسلسل كفاح فريق ليستر سيتي متواصل منذ فترة ليست بالقصيرة، ويبدو كذلك أن خصومه ليسوا فقط أندية البريميرليغ، بل دخل الثعالب في تحدٍّ مع عوامل الطبيعة من أجل البقاء حسبما ترويه القصة الآتية. سجل شتاء 1962 ـ 1963 الرقم القياسي من حيث درجة البرودة في القرن العشرين، وبلغت درجة الحرارة 16 درجة مئوية تحت الصفر في إنجلترا وويلز، وبدأت طبقات الجليد تظهر في الشمال قبيل أعياد الميلاد، وبحلول منتصف يناير بلغت درجات الحرارة أدنى مستوياتها، وغطت سطح البحر طبقة من الجليد عرضها ميل في خليج هيرن في مقاطعة كنت. وبقي الجليد لثلاثة أشهر على أغلبية مناطق البلاد، ونتيجة لذلك أُجلت المئات من مباريات كرة القدم. هذا التأجيل كان له أثره في شركات المراهنات، التي اضطرها تأجيل المباريات إلى ابتكار أساليب جديدة لتضمن عودة الدخل المالي للانسياب نحو خزائنها مجدداً. من جانبها، دخلت الأندية، التي تعتمد أساساً على شباك التذاكر مصدراً ثابتاً للدخل، ومنها ليستر سيتي، في محنة مالية طاحنة، فاضطرت لاتخاذ تدابير طارئة لتجفيف أرضيات الملاعب، ومن ثم ضمان تواصل المباريات ليعود دخل التذاكر اليومية، ولتضمن تسديد ما عليها من رواتب. وكان بلاكبول من الفرق المتضررة، فاستعان بالجيش لإذابة الجليد من ملعبه في بلومفيلد رود، مستخدماً قاذفات اللهب. أما تشيلسي فاستخدم النفط المذاب للتخلص من الجليد، واستخدمت أندية أخرى الرمل واشترت حمولات بلغت 90 طناً منه طرحتها فوق أرضية ملاعبها. أما في فيلبيرت ستريت معقل فريق ليستر سيتي فحقق بيل تايلور المسؤول عن سلامة أرضية الملعب، نجاحاً ملحوظاً. واستعان تايلور في حربه على الجليد بخلطة من المخصبات والمركبات قاتلة الحشرات، وبعد التخلص من الجليد غطى الأرضية بالقش الجاف ثم أشعل فيه النار، كل هذا الجهد لم يكن كافياً لهزيمة موجة الجليد التي تواصلت عشرة أيام. لكن، ومع نهاية الشهر، أصبح فيلبيرت ستريت جاهزاً لاستضافة المباراة الأولى على ملعبه منذ مباراة الـ «بوكسينغ داي» في جولته الرابعة أمام فريق إيبسويتش تاون. وبينما توقفت بعض الأندية عن اللعب لعشرة أسابيع، عاد ليستر سيتي إلى العمل بعد خمسة. تأهل ليستر سيتي وتوتنهام هوتسبيرز إلى نهائي كأس الاتحاد ثلاث مرات في حقبة الستينات. وبينما فاز توتنهام في المرات الثلاث، لم يحرزه ليستر ولا مرة واحدة. كان ليستر الفريق الأضعف ترشيحاً عامي 1961 و1969، وتأهل كمرشح قوي في نهائي 1963 أمام مانشستر يونايتد المطرز بالنجوم أمثال بوبي تشارلتون، دينيس لو، وبات كريرارد. ما أوصل ليستر سيتي إلى تلك المرحلة كان كفاحه المرير عبر أشهر الشتاء القارس، وبينما تقوقعت بقية الأندية مستسلمة للصقيع والثلوج، واصل ليستر سيتي تقدمه في مسابقتي الدوري والكأس، وبأسلوب متميز جعل النقاد في حيرة، هل يطلقون عليه لقب «ملوك الجليد» أم «أبطال عصر الجليد». حقبة المدرب غيليز تحول مات غيليز، الكابتن السابق لفريق بولتون واندررز، إلى التدريب بعد أربعة أعوام من الالتحاق بفريق ليستر عام 1952، وفي 1958 تولى تدريب ليستر خليفة لديفيد هاليداي. وبحلول عام 1961، وهو الموسم الذي سعى فيه ليستر إلى كسر هيمنة توتنهام، والمحاولة الفاشلة لهزيمته في نهائي كأس الاتحاد، تعرض لين تشالمرز مدافعه القوي للإصابة. وعلى الرغم من ذلك بدأت عبارات الإشادة تنهال على غيليز لابتكاراته التكتيكية، من تمريرات قصيرة لفك شيفرة دفاعات الخصوم، والمرونة في الاستحواذ على الكرة، خصوصاً من الأجنحة ومهاجمي الوسط. وساهم ضم لاعبين جدد بدعم تلك التطورات، ومنهم مايك سترينغ فيلو الجناح القوي من فريق مانسفيلد، وهو الذي وصفه زميله فرانك ماكلينتوك بأنه «يركض طوال المباراة في تجهيز الكرات لزملائه، وأناني كثيراً في تدمير مرمى الخصوم في كل مناسبة سانحة»، وديفي غيبسون المهاجم الأيسر من فريق هايبرنيان. وتركز جمال الأداء في الفريق في مقدرة جميع اللاعبين على أداء مختلف الأدوار أثناء المباراة، ومفاجأة الخصم بهذا الأسلوب. قاهر الصقيع عندما ضربت موجة الصقيع الأراضي الوسطى والجنوبية أثناء الأسبوع الذي سبق العام الجديد، كان ليستر ممسكاً بالمركز الرابع بالفوز 5 ـ 1 على ليتون أورينت. وأقام غيليز تدريباته داخل الصالة المغلقة بسبب الجليد، ثم حول المدرب التدريبات إلى ملعب مكشوف أكثر سخونة، لكن حتى هناك كان الطقس شديد البرودة، وعلق عليه ماكلينتوك «كانت تجربة مريرة، لم تنفع كميات الفحم التي رميناها في المدفأة، ولا كمية الحساء التي تناولناها». وبحلول التاسع من فبراير 1963، وبفضل جهود بيل تايلور، أصبح ليستر جاهزاً لمواصلة التحدي للفوز بلقب كأس الاتحاد بعد انتظار دام 45 يوماً. وكان اللقاء أمام أرسنال العنيد، وانتهى بفوز الثعالب بهدفين نظيفين، وتواصل التقدم بإحراز سبعة انتصارات متواصلة، على الرغم من الحالة المزرية لأرضية الملاعب بسبب الصقيع. وفي الثاني من مارس زار ليستر ملعب ليفربول في أنفيلد وفاز عليه بهدفين كذلك. وانتهى مشوار الفوز بالتعادل مع بلاكبول، ثم استعاد الفريق أنفاسه ليحصد ست نقاط من أربع مباريات. بعدها نجح الثعالب في تجاوز مانشستر يونايتد ليتربع على الصدارة، وأمامه خمس مباريات. كانت هذه قصة ليستر سيتي مع الكرة الإنجليزية الشرسة والطقس الأكثر شراسة. هل يتوج الكفاح التاريخي بإحراز البريميرليغ؟