الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عام القراءة .. نقاط في عين الاعتبار

إن دولة الإمارات العربية المتحدة على موعد مع عام حافل تتبعه أعوام مملوءة بالنشاط الفكري والحراك الثقافي المتميز. فمع تخصيص عام 2016 ليكون حول موضوع القراءة، بدأت الجهات والمؤسسات في كل أنحاء الدولة بالعمل الجاد لإثراء هذا العام بالأنشطة والفعاليات والمبادرات المختلفة التي ستنعش الساحة الإماراتية بحراك معرفي استثنائي. نحن متفائلون أشد التفاؤل بهذا المشروع القرائي الضخم الذي تجسد بالفعل، ومنذ البداية المبكرة هذا العام، بإطلاق عدد هائل من المبادرات والأنشطة على المستويين الاتحادي والمحلي، بالإضافة إلى تحول هذه البادرة المعنية بالقراءة إلى استراتيجية وطنية ذات مبادئ متكاملة ستعمل على مدى سنوات مقبلة لتقود بإذن الله نحو مستقبل قرائي مشرق يؤتي أكله وينفع البلاد وأهلها ويعم خيره العالم أجمع. كما أننا مؤمنون بهذا التوجه الرشيد، ونطمح إلى أن يكون هذا العام نقطة انطلاق قوية نحو مستقبل مبني على الفكر والعلم والمعرفة. ولكن رغم ذلك كله، فأكثر ما نخشاه هو أن تتحول معظم أو بعض تلك الأنشطة والمبادرات إلى لافتات ترويجية، وجلسات تصوير توثيقية، ومناسبات مُصَدّرة لوسائل الإعلام، أي أن تكون فقط بغرض الظهور وإبراء الذمة «لقد قمنا بكذا، وفعلنا كذا»، فتكون بذلك هياكل مفرغة من المحتوى الجاد النافع الذي ينبغي أن يكون الهدف الأساس من ورائها. اتفقنا سلفاً على أن يكون الشعار «عام القراءة»، إذاً فعلى كل تلك المبادرات أن تسعى وتحرص كل الحرص على ألا تألو جهداً في سبيل حث الناس وتحفيزهم على القراءة. ليس ذلك فقط، بل تزودهم بالمهارات التي تعينهم على ذلك، فالناس سيقرؤون بإذن الله إن نحن أخذنا بالأسباب وبذلنا ما في وسعنا في سبيل ذلك، ولكن على القائمين أن يحرصوا أيضاً على تعليم الناس الاختيار الجيد لما يقرؤون، وطرق النقد البناء والتفكير فيما يقرؤون كيلا ينجرفوا وراء كل فكرة أو ينجروا خلف كل رأي. نحن بحاجة إلى بناء قارئ بالمعنى الصحيح والفعلي لكلمة قارئ، ولسنا بحاجة لمتصفح أو باحث عن معرفة وقتية أو معلومة سريعة، فهذا يمكن الحصول عليه عبر التجول في الشبكة المعلوماتية (الإنترنت)! كما يجب العمل على تقوية القراء بمهارات أخرى كالتلخيص والتعليق وأخذ الملاحظات وبناء خرائط الأفكار وغيرها، لضمان استفادة أكبر من القراءة، بما يعود عليهم بالنفع في حياتهم الشخصية والعملية، إلى جانب أنه يجب التركيز بشكل أساسي على الأجيال الفتية الصاعدة، وخصوصاً طلاب المدارس والجامعات الذين سيكونون هم بناة الوطن ومستقبله القادم. وخلاصة ما أنوي قوله هو أن اهتمامنا يجب أن ينصب على النوع بالأساس وليس على الكم فقط. المبادرات كثيرة، حيث إن أكثر من 4000 مبادرة تم طرحها في خلوة المئة وغيرها الكثير ما زال يطرح، ولكن كم واحدة من تلك المبادرات هي التي سيكون لها الأثر وسيكون منها الانتفاع سواء في المستقبل القريب أو البعيد.