الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ثقافة التودّد

قلن لي: «اذهبي إلى عفاف» حين سألتُ عن موقع تصوير الأوراق في الجامعة .. فقصدتُ المكتبة لأرى امرأة بسيطة على كرسي متحرك وسألتها: «أنتِ أستاذة عفاف؟» فقالت لي: «أستاذة عفاف مرة واحدة؟ الله يجبر بخاطرك» .. وأخذت تدعو لي حتى استلمت أوراقي وغادرت، كما أنها استقبلتني بابتسامة خاصة في المرة التالية. إن السر كله يكمن في سحر الكلمة وانتقاء أجمل مرادفاتها حتى لو لم تكن في محلِّها تماماً، وسرٌّ آخر يكمن في الابتسامة كرسول سلامٍ ومحبةٍ بين قلوب البشر، والسرّان ينبعثان معاً من الاهتمام والأهمية اللتين نُكِنُّهما ونمارسها تودُّداً للآخرين. فمن آداب الذوق العام وأصول التعامل بفاعلية أن ننقل للآخَر مشاعر الاحترام من خلال إشعاره بأنه شخص مهم، وحين تُشعِر الآخر بأنه مهم حتماً ستنعكس الأهمية علينا نحن وسنحظى بمعاملة خاصة من طرف الآخَر ذاك. وحين يكون الآخَر هذا هو موظف الأمن البسيط، أحد العاملين المنزليين، السائق، أو سواهم ممن يعملون على مدار الساعة ويتلقون الحد الأدنى من الأهمية والتقدير، فلنا أن نتخيل حجم الامتنان والسعادة التي سنخلقها في نفوسهم بكلمة طيبة وابتسامة صادقة والتعبير عن مدى الأهمية. ما أحوجنا إلى ثقافة التودّد في حياتنا اليومية لتستقيم أمورنا؛ فالتودد إلى الناس نصف العقل على رأي ميمون بن مهران.