السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

دحر الإرهاب بالبناء

لعل من أبرز مقولات المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد الخالدة هي «أعطوني زراعة أعطكم حضارة»، فهي تجسّد فكر البناء الذي كان يحتل كيان الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي أضحت خلال أقل من نصف قرن إحدى أفضل دول العالم الذي سبقه بمئات السنين. فعمر الأمم الحقيقي لا يُقاس بالسنين، وإنما بالمنجزات العِظام. سياسة البناء التي تجسد فلسفة دولة الإمارات عبر مسيرتها التاريخية هي ما أفرزت المستوى المشهود لها في شتى المجالات على الأصعدة الدولية، فدولة الإمارات لا تحتل مراكز متصدرة دولياً في مجالات شتى، كالابتكار والمعرفة فحسب، بل إنها اخترقت مجالات أخرى لتحتل الريادة العالمية كالخدمات الحكومية، حتى أضحت أنموذجاً تسيّر إليها البعثات للتعلم من تجربتها. ورغم أن القيادة لم تدخر جهداً في تنظيم العمران والبنى التحتية لتطوير جودة الحياة لساكني هذه الأرض الطيبة، إلا أن البناء في دولة الإمارات لم يقتصر على العمران فحسب، بل ترافق معه بناء الإنسان الإماراتي بكل ما تعنيه هذه الكلمة. فدولة الإمارات كانت من الدول التي تحولت مبكراً من الاقتصاد التقليدي المعتمد على الأجهزة والمعدات، إلى اقتصاد المعرفة الذي يسخّر العقول المشغلة لتلك الأجهزة والمعدات، وذلك من واقع الإدراك المتعمق للقيادة الرشيدة بأن الإنسان هو الفيصل في عملية التطوير، وهو ما تجسد في رؤية الإمارات 2021 الذي ترتكز في أحد عناصرها الأساسية على المعرفة. لذا فمن البديهي على وطن كان ـ ولا يزال ـ البناء ديدنه منذ القدم أن يكون مناهضاً للإرهاب الدولي بشتى أشكاله، فالإرهاب لا يجلب سوى الدمار للعمران والإنسان معاً، وهي مرادفات غير موجودة في القاموس الإماراتي. ولا يخفى على القاصي والداني فشل محاولات الفكر الإخوانجي البائس التغلغل في المجتمع الإماراتي، لتعارضه مع سماحة الإسلام الوسطي، وسياسة البناء المتجذرة في هذا الوطن المعطاء. وما إنشاء الإمارات لمراكز فكرية لمحاربة الأفكار الضالة، وإصدار قانون مكافحة التمييز والكراهية، إلا تأكيد لنبذها مبادئ التطرف والعنف والكراهية أينما كانت وبشتى أنواعها، فالبناء يرفد عطاءات للإنسان تأهله لأداء دوره في عمارة الأرض، ولا عزاء لعملاء الهدم. [email protected]