الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كلهم مبدعون

المبدعون أنواع، فمنهم الأسوياء الذين خلقوا هكذا، ويعدون أحياناً من الأذكياء، وبعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعيشون مثل بقية البشر بيننا لكنهم مهمشون في بعض المجتمعات. هذه الفئة من المجتمع، نرى أفرادها في الأسواق والتجمعات البشرية، قد يكون فيها الكثير من المتميزين .. والأمثلة التاريخية على تميزهم متوفرة في كافة أنحاء العالم وتدل عليهم. وممن قرأت عنهم وتابعتهم طه حسين الأديب العربي المعروف، والملحن المشهور سيد مكاوي، وغيرهما ممن حققوا إنجازات عدة وسجلوا تفوقاً في حياتهم، وكثيرون هم الذين تعج بهم ملفات الماضي والحاضر المعاصر، وكل ما يحتاجونه منا، هو التحفيز والدعم المعنوي وتقديم التسهيلات لهم كي يعيشوا بسلام في هذه الحياة كالأسوياء جسمياً الناقصين فكرياً. البعض منهم قلما يجدون الدعم في بعض المؤسسات وحتى بين أقرانهم في المدارس والجامعات، في بعض دول العالم. وبحمد الله هنا في دولة الإمارات كثيرة هي القوانين التي سنها المشرع لدمج المعاقين في مختلف مواقع العمل، ووفر لهم تسهيلات حركية في تصاميم البناء وفي المرافق العامة. الله سبحانه وتعالى له حكمة في كل شيء، فربما إن أعطى الإنسان الجمال في المظهر حرمه من صفات أخرى كي يتفكر ويبدع ويتحرك بهمة ونشاط مثلهم. المعروف عن هذه الفئة أنها تنهض بنفسها، ويحفز أفرادها بعضهم البعض تلقائياً ليثبتوا للعالم أنهم ليسوا أقل منهم، بل قد يكونون أكثر إبداعاً منهم وتفوقاً في أدائهم الفكري. ففي الإمارات على سبيل المثال تحرص القيادة على تحفيزهم، وتوفر وزارة الشؤون الاجتماعية فيها بتوجيه من القيادة كافة السبل ليكونوا كالآخرين في المؤسسات التعليمية والجامعات ومواقع العمل، ويجدون رعاية خاصة من أصحاب القرار وتخصص لهم مراكز تأهيل وتعليم ومرافق، ما جعلهم يعززون ثقتهم بالله ثم بأنفسهم والآخرين، فيخدموا الوطن بطرق عدة قد تنفرد عن بعض البشر الذين أعطاهم الله كل شيء، وهم لا يقدمون شيئاً، ولا يملكون الطموحات، مثل كثيرين من المعاقين الذين يحرصون فيها على خدمة أنفسهم ومجتمعهم. قلة من الناس تنظر إلى المعاقين نظرة دونية، وقلة أخرى تسخر من إنجازهم، لكن العاقل اليقظ يدرك أن الكمال لله وحده سبحانه، وأن الله لا يعطي الإنسان كل شيء، بل يمنحه شيئاً ويحرمه من أشياء كي ينهض بنفسه ويتعلم ويكتشف عالماً مليئاً بالمشاهدات التي تؤكد أن الكمال لله وحده، وهو الذي قدر لنا جميعاً عمرنا ونجاحنا أو فشلنا، ودعانا للاجتهاد والسعي وراء الرزق، وإن كان قد قسمه علينا وكتبه في لوحه المحفوظ قبل خلقنا. الأهم في هذا أن يدرك البشر قيمة بعضهم بعضاً، وألا يستخفوا بأحد، ولا يتوجهوا لهم بالسخرية والتقليل من شأنهم، بل ندفعهم للإبداع كي يقوم كل فرد من أفراد المجتمع بدوره في خدمة وطنه، ومعظم الناس يرددون: «يضع سره في أضعف خلقه سبحانه».