الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كعيون الأطفال لا أخبئ حزني

وكنتُ أفكر بزيارة قريتي لكنّ هذا العام قد رحل خالي منّان في قريتي التي مات فيها الكثير مثله خالي الذي كان يقدّ من قميصه المناديل عندما يتعرى الحزن في ليل القرية يقول: ما أجمل الفقراء الفقراء الحلوين بثيابهم المهلهلة وأحذيتهم الموحلة تفرّجوا عليهم يا عالم الفقراء سكّر العالم خالي الذي كان يزورنا بعد ساعة من الآن هذا موعده وأنا أحب مواعيده كان يمسك بيدي ويقول لي نحن والحيتان خبزنا الأسماك والقرية التي أصبحت كبيرة جدا كحوت أكلت كل أسماكها خالي .. ما زالت راحة يده على يدي وأنا الآن أكتب بيده لا بيدي خالي منّان الذي يحبني ويحبّ المنّان يصبح قاسياً كاللوز إن تأخرنا عليه في مواسم الربيع يسأل زوجته كل صباح متى يعود الجمعة كي نجتمع ويزورنا الأولاد يسألني لماذا الشمس ابتعدت عنّا وأنهارنا كل يوم تفيض على حبل غسيل ثيابنا أحدّثه عن صديقي الأفريقي والشمس في بلاده صديقي الذي يسألني عن الثلج في قريتي كل يوم فأحكي له عن انتحاره مراراً على حقلنا وكلما ينتحر نصنع له تمثالاً أبيض ولا يموت مرّتين إلا حين تمرّ عليه شمس غريبة خالي الذي لا يخبئ حزنه كعيون الأطفال مات البارحة والقرية أصبحت تقصر المسافات أكثر وأكثر نحو الألم والقهر يُولد في مساء القرى القهر عقرب انطوائي لا يعيش إلا في السكون وأنا كل يوم أتجرع لقاحات ضد السموم مع ذلك البارحة لدغني عقرب كان يريبه خالي منّان