الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

صمت .. وصمت آخر

(نادية) فتاة ابتسم لها الحظ قدراً من الزمن ثم غدرها بغتة، أليس ذلك ما يفعله الحظ، إذ يبتسم حيناً ويعبس أحايين كثيرة؟! هكذا فكرتْ حين أُجبرت على الزواج من ملياردير عجوز متسلط، أذاقها العذاب طعوماً، وغصبها على الدخول إلى عالم الصمت الكريه بما لاقته من عذاب وتنكيل. لم يكن الخروج منه باليسير، حتى جاءت كلمة الحق، واختاره الموت فأُعتقت وانطلقت إلى الحرية والأصوات الجزلة، تغني وترقص مع البلابل تكمل دراستها، تحب، وتشتغل في وظيفة أساسها الصوت: التدريس. إلا أنها أجبرت ثانية على الصمت حين ارتخت حبالها الصوتية، وخضعت لمشرط طبيب يعالج ويداوي الحنجرة السقيمة، دخلت العالم الكريه ثانية، تتأمل حالها، وكيف يبتلى الإنسان بما يخشاه. نادية، بطلة (ليلى العثمان) في روايتها (صمت الفراشات)، تكشف من خلال الصمت وحكاياته أمور كثيرة مسكوت عنها، ما يجري وراء الجدران العالية حين تستبد السلطة وتهون النفوس، كيف تستعبد بعض النساء في عالم بعض الرجال، كيف يغري المال الفقراء ويسلبهم أرواحهم، وكيف يصير العبد سيداً والحر مستعبداً، وكيف تنتقص الكرامة حين يُكره الإنسان على التخلي عن صوته، ويلتزم الصمت خوفاً أو بلادة، وكيف يتخفى البعض باسم الثقافة لنشر أوهام وسموم في عقول ضعيفة. كلّف الصمتُ نادية الكثير، وخرجت خالية الوفاض من قصة عذبتها، فأن تصمت في بعض الأحيان يعني أن تموت. وإن كانت قد أدركت في النهاية، أن الكلام الكثير ليس أفضل، ما دام لا يتجاوز الأفواه ولا يعبر صوب القلوب المغلقة. [email protected]