الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

سين من الناس

لو سألتني ما أصعب ما يمكن أن أقوم به، لقلت لك إنني لا أستطيع أن أسامح كل من أخطأ في حقي. أعيش حياة انتقائية جداً، بشكل لا يمكن لأحد أن يتصوره، أختار من أبكي لأجله، ومن تجف دموعي بسرعة ما إن يغادر حياتي، ومن دون وجود دوافع لا شعورية، ويندرج ذلك على هزائمي وانتصاراتي، فهناك هزائم لعينة تجبرني أن أتجاهلها، وهزائم تافهة وعابرة لكنها تشطرني إلى نصفين. قررت منذ ثلاثة وثلاثين يوماً، أن أسامح وأصفح عن الجميع، وكنت أردد يومياً قبل أن أطفئ النور، وأنا أعيش اللحظات التي تتداخل فيها الألوان، ويذهب عقلك في رحلة طويلة من الإغواء الصارخ، حتى إنك لا تدرك بشكل مفاجئ هل ما تعيشه هو جزء من حقيقة عيشك أم أنه ذلك الجزء الباهت من خساراتك الليلة؟ كنت أردد بعيداً عن أي انتصار لذاتي، بعيداً عن تقديس النفس، وبدوافع تدرك قيمتها، ومن دون استخفاف بكرامتك الشخصية، بأنك قد سامحت وصفحت بعدد ملايين الخلايا في جسدك، عن كل من اغتابني أو أخطأ في حقي، أو حتى كان في يومٍ من الأيام عثرة في طريقي، ما عدا «فلان» من الناس، وأذكر اسم هذا الشخص. حينما وصلت عند هذه السطور ضحكت من قلبي، لأني أدرك حجم احترامي لشفافيتي التي أحب أن أصف بها نفسي في كل مرة تسألني بها ريم صديقتي، عن معنى الكينونة وكيف يمكن لي أن أصور نفسي أمام أعمى، كنت أحب أحاديثها، وأعتبرها أحياناً مادة شهية لأدرس حياتها الشخصية، فقد كانت وحيدة والديها، ولم أرها يوماً تخاف من شيء. لم أكن أصدق بأنها تشبهنا، وكنت أستغل وحدتها وأخبرها عن حكايات خرافية، اعتدت محاولة إبهارها في كل مرة تدعوني لزيارتها، ولا أعرف إذا ما كانت تصدقني أم أنها كانت أذكى مما كنت أتصور أو أعتقد! ولنعد لفلان الذي لم أغفر له حتى الآن، وفلان هو «سين» من الناس، وأظن، وإن كان بعض الظن إثماً، أن في حياة كل منا «سين» لا نستطيع أن نغفر لهُ أو لها، حتى يتمكن بنا الزمن، وندرك أن هؤلاء لم يكونوا يوماً بالأهمية القصوى التي أعطيناهم إياها، وأنهم لا يستحقون أن يأخذوا فرصة من مشاعرنا النبيلة، ولكن حتى الآن استطعت أن أغفر للجميع ما عدا ذلك «السين» من الناس!