الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

عوامل مشتركة بين الأحزاب الدموية

لا أفهم في الحراك السياسي ولا أريد أن أفهم، كون السياسة كعلم ودراسة تعاني ما تعانيه بقية العلوم والتخصصات في دول العالم الثالث. عدم فهمي في السياسة أفادني في كثير من جلسات وسمرات العصف الذهني السياسي، حيث أنحاز للأسئلة حتى أستوعب ولو قليلاً بعض ما يقال أمامي من قبل المتجادلين سياسياً. وأكثر ما يثير غرابتي وحيرتي هو إعجاب أو انتماء بعض الخليجيين لحزب سياسي لدولة أخرى. الأحزاب التي تتشكل داخل مجتمعات دول العالم الثالث غالباً ما تكون أحزاباً دموية يحركها شعور الحقد والانتقام، كونهم أقلية ينظرون للآخرين كأعداء، والدليل أنهم يشنون حرباً بلا هوادة ضد المجتمع ومقدرات البلد الذي يكون هو الخاسر الأكبر ويكاد يكون الخاسر الأوحد. طوال تاريخ الأحزاب في جميع دول العالم، وليس دول العالم الثالث فقط، لم تربح من نضالها المسلح ولم تضر سوى بمصالح رجل الشارع البسيط والمواطن العادي. تشترك جميع الأحزاب المسلحة في العالم بعجزها عن القدرة على التعايش والاندماج في المجتمع، كما لا تستطيع تقبل الديمقراطية التي تنادي بها. لا تمتلك الأحزاب التي تلطخت أياديها بالدماء -حتى إن أضفت على دمويتها اسم النضال- القدرة على العمل المؤسسي بما يقتضيه الدستور. تنظر الأحزاب الدموية إلى الآخر على أنه عدو مهما ادعت العكس، ولا تتعايش من دون مناطحات وإثارة مشاكل وبلبلة مستمرة، كما تعمل باستمرار على تصفية الخصوم وادعاء المظلومية والتشكي من الآخر وإلقاء اللوم عليه وإيهام المجتمع بأن الأعداء - غالباً ما تخترع أعداء وهميين - يعطلون عمل الحزب ويدسون له السم بالعقل. أي حزب تلطخت أياديه بالدماء لا يجب الوثوق به مهما لبس ثوباً نظيفاً، لأن هذه الأحزاب الدموية جميعها تشترك في ارتداء قناع الحمل الوديع المظلوم. [email protected]