الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

غُموض

التنوع في شخصيات البَشر أمر مألوف؛ ومِن ذلك أن تجد إنساناً واضحاً في كلّ أحواله، وعلى النقيض منه هناك مَن طَبْعه الغموض، فلا تكاد تفهَم سبباً لكثير مِن تصرفاته، ولا تعثُر على تفسير واضح لما يقوله أو يفعله، وكأنه لغز يمشي على قدمين، وقد استعصى على الأفهام إيجاد حَل له. يحثنا الهديُ النبوي على أن نستعين على قضاء الحوائج بالكتمان، وهذه فائدة مهمّة للغموض الذي يختاره العُقلاء مِن الناس في شؤون حياتهم، كما أن فيه حكمة واضحة، تتجلّى في انتظار الفُرصة المناسِبة والوقت الملائم للإنجاز الصحيح، وجاهزية الظروف لبلوغ الأمنيات المرجوّة، وهو أسلوب ذكي يستخدمه الناجحون ضِمن أساليب مشروعة تُحقق أهدافَهم. يتوقف استخدامُ الغموض أو اجتنابه على طبيعة المواقف والأشخاص؛ فإن اقتضى الأمرُ التعامل بوضوح تامّ وشفافية مطْلَقة، كبذل نصيحة أو تقديم رأي ومشورة فلا مجال للغموض، وينبغي حينئذ تسمية الأشياء بمسمّياتها الحقيقية، وتوضيح ما لا غِنى عن توضيحه وبيانه، والمبادَرة إلى الإيضاح لو اعتقدنا النسيانَ أو الجهل ممن يهمّنا أمرُه. يلجأ بعضُ الأدباء، وأخشى أن أقولَ كثيرين، إلى الكتاباتِ والمعاني الغامضة، ويرون فيها ضرورةً أدبية، تُضفي على ذواتهم خصوصيةً تمنعُ القارئ مِن اقتحامها، وتناسوا أن وظيفةَ الأدب إسعاد القارئ وفتْح نوافذِ الوعي لعقله والأمل لروحه، وليس مِن أدوار الأدب إغراق تفكير المتلقّي وإشغال وقته في قراءة طَلاسِم لا معنى لها. [email protected]