الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

قمة العزل وإعادة التوازن

إيران إلى الواجهة مجدداً، ولكن هذه المرة عبر الباب الخلفي للسياسة، إذ تسببت سياسات «ملالي قم» و«الحرس الثوري» في إدخال هذا البلد، الذي يدعي أنه إسلامي، في مزيد من العزلة السياسية الدولية، وإغراق الشعب الإيراني المغلوب على أمره، بسبب أطماع قادته «الطائفية الضيقة». أسدل الستار قبل أيام في الرياض على أعمال القمة العربية الإسلامية الأمريكية، بإنشاء مركز لمكافحة التطرف واتفاقات تعاون ضخمة وتاريخية، ومطالب جميعها صبت في مصلحة دول الخليج والعالم العربي والإسلامي، وعلى رأسها ضرورة إدخال أيادي إيران وأذرعها إلى داخلها، بدلاً من مدها إلى الدول الأخرى. جانب مضيء آخر أبرزته القمة التاريخية، تمثل في «إدانة واضحة وصريحة» لقادة إيران بأنهم المسؤول الأول عن عدم استقرار المنطقة، وكذلك اعتبار نظام إيران مغذياً ومصدراً للإرهاب والتطرف في منطقة الشرق الأوسط، وعدد من دول العالم، وهي تسعى لتوسيع أنشطتها في أفريقيا وآسيا ودول أوروبية أيضاً، عبر نشر فكرها المتطرف، الذي سيمهد الطريق لإنشاء أذرع عسكرية لها، على غرار حزب الله الإرهابي. أبرز ما أفرزته القمة أيضاً، هو ما ذهب إليه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، حين أكد مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنهم سيذهبون إلى تسمية الدول التي تدعم الإرهاب والتطرف بأسمائها، اعتباراً من هذه القمة، بعيداً عن التلميح الدبلوماسي الذي كان متبعاً في أوقات مضت، وهو فعلاً ما كان واضحاً في خطابات رؤساء الدول والقادة المشاركين. القمة لم تثبت للعالم أن إيران دولة مارقة وحسب، بل أعادت التوازن العالمي، عبر إعادة أمريكا إلى المعترك الدولي، والفرص المطروحة التي كانت متاحة أمام روسيا والصين في وقت مضى، ذهبت في مهب الريح، فقواعد اللعبة السياسية عربياً وإسلامياً تغيرت كلياً بعد هذه القمة، وهي تتجه إلى مزيد التطور في مقبل الأيام. ما أعتقده أن روسيا هي الأخرى وجدت نفسها، بعد هذه القمة التاريخية، في مأزق سياسي لا تحسد عليه، والخيارات لم تعد متنوعة كما كانت تعتقد، فهي ستسعى مستقبلاً لتعزيز تحالفها مع عدد من الدول المارقة، على رأسها إيران، وهذا الأمر برغم خطورته مفيد في جانب تحديد مصادر الشر حول العالم، وحصرها في جانب واحد، أو أنها ستخضع لصوت المنطق المجمع عليه دولياً، وتقدم تنازلات حقيقية على الأرض، بما يدعم السلام والأمن، وهذا الشيء ليس بمستحيل، ولكني أرى صعوبة تحققه في ظل النشوة والغطرسة التي تهيمن على الكرملين، ولكن لننتظر ونرى. [email protected]