السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قطر .. طفح الكيل

جددت دولة الإمارات تأكيدها أن الإجراءات المتخذة ضد قطر لا تستهدف الشعب القطري، وأن قرار قطع العلاقات حدث بعد أن «طفح الكيل». وجزم وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور بن محمد قرقاش بأن الهروب إلى الأمام وطلب الحماية الخارجية ليس حلاً. وأوضح قرقاش في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر أن «التصعيد الكبير من الشقيق، المربك والمرتبك، وطلب الحماية السياسية من دولتين غير عربيتين والحماية العسكرية من إحداها لعله فصل جديد مأساوي هزلي». وأشار إلى أنه «طالما تدخل الشقيق، المربك والمرتبك، في شؤون العرب مقوضاً استقرارهم، متناقضاً بين ممارسته الداخلية وسياسته تجاههم، والآن خلاصه في الدعم الخارجي». كما جدد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدعوة إلى «تغليب العقل والحكمة ونبذ المكابرة والعناد، فالتصعيد لا ينفع، والاستقواء بالخارج لا يمثل حلاً، المخرج في منهج جديد شفاف صادق». ولفت في تغريدة أخرى إلى أن «الأزمة مع الشقيق أغرب ما فيها من يقف معه، الإيراني والتركي والحمساوي والثوري والحزبي والإخونجي، ويسعى الخليجي والعربي إلى أن يغير الشقيق مساره». وشدد على أن «الحكمة ومعالجة مشاغل الأشقاء هي الطريق الصحيح لحل الأزمة وتسهل مهمة الوساطات، فغريب من يطلب احترام استقلاليته ويهرع للحماية الطورانية»، مضيفاً «السؤال المحيّر منذ عقدين ما زال قائماً حول التوجه الذي تبناه الشقيق وكيف تقرر الأهواء الشخصية توجهات الدولة وتستعدي الأشقاء والمنطقة». وبيّن قرقاش «كنت أتمنى أن تتغلب الحكمة لا التصعيد، أن يراجع الشقيق حساباته لصالح موقعه الطبيعي في محيطه، الهروب إلى الأمام والحماية الخارجية لا تمثل الحل». وفي السياق ذاته، أكد وزير دولة الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر جرى اتخاذه بعد محاولات جرت على مدى أعوام لتغيير نهجها القائم على دعم التطرف، ودعاها إلى اتخاذ خطوات ملموسة «من أجل الوصول إلى توافق حقيقي مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الموقف المشترك ضد التطرف والمنظمات الإرهابية». وشدد على أنه «من الواضح الآن أن الحكومة القطرية عليها أن تتخذ قراراً، يمكنها التوقف عن السياسات الهدامة التي تتبناها، وأن تتخذ بدلاً منها موقفاً واضحاً من التضامن والوحدة والتكاتف مع دول مجلس التعاون الخليجي، أو يمكنها أن تمضي في نهجها الحالي القائم على تمويل ودعم التطرف والإرهاب»، مضيفا «إذا اختارت الحكومة القطرية الطريق الثانية، فإنها ستبقى معزولة وستدفع الثمن اقتصادياً ودبلوماسياً. باختصار، لقد طفح الكيل! الكرة الآن في ملعب الحكومة القطرية. فهل ستقوم بتغييرات حقيقية أم ستحاول تحويل الاهتمام بعيداً عن القضايا الرئيسة؟». كما أكد أن «قرار قطع العلاقات مع قطر لم يتم اتخاذه بين عشية وضحاها. فعلى امتداد العشرين عاماً الماضية، عملت الحكومة القطرية على تمويل وإيواء المنظمات الإرهابية، مثل حركة حماس والإخوان المسلمين والقاعدة. كما أنها دعمت بشكل علني المنظمات الإرهابية في ليبيا وسوريا واليمن وشبه جزيرة سيناء». وأضاف الجابر «الواقع الحالي يؤكد على أن الحكومة القطرية لم تعد مجرد مساند وداعم لإيران فحسب، وإنما أيضاً مؤيدة للنظام الإيراني، الذي هو نظام يصدّر ويمول الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، ويقوض استقرار بلدان أخرى. وبدعمها إيران، فإن الحكومة القطرية تعلم علم اليقين أنها تقف وراء نظام يشكل تهديداً وجودياً على المنطقة. ولا أعتقد أن هناك من يستطيع أن ينفي حقيقة أن إيران تدعو لنشر وتصدير الثورة الإسلامية، فهذا مذكور بشكل واضح وصريح في دستورها». ولفت إلى أن ما تفعله الحكومة القطرية يهدد الاستقرار والأمن ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي فحسب، وإنما أيضاً في بلدان أخرى حول العالم. ولا يقتصر الأمر على هذا، ففي إطار سياستها الخارجية، استخدمت قطر عبر تاريخها منصاتها الإعلامية، المحلية والعالمية، للتحريض على التطرف والكراهية والتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى امتداد أعوام، كانت هناك محاولات عدة من قبل دولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لدفع الحكومة القطرية إلى تغيير هذا النهج وتحقيق الانسجام والتنسيق المنشود مع السياسة الشاملة لمجلس التعاون الخليجي ضد التطرف. وأوضح «بذلنا جميع الجهود الدبلوماسية الممكنة لإيجاد حل لهذه القضايا، وعلى امتداد الفترة القليلة الماضية، قدمت الحكومة القطرية وعوداً متكررة، ولكن لم تنفذ أياً منها، واستمرت في خذلان أشقائها». وأعاد الجابر التأكيد على أن «قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر جاء بعد أعوام من الحوار ومن الوعود التي لم تقترن بالأفعال، وبعد أعوام من الاتفاقيات التي لم يتم الالتزام بها. وكانت طلباتنا واضحة وبسيطة جداً، وهي وقف تمويل وإيواء ومساندة المتطرفين والمنظمات المتطرفة. فمنطقتنا لا تستطيع تحمل هذه الازدواجية بعد الآن. غير أن الحكومة القطرية تصرّ على دعم وتمويل وتمكين التطرف في المنطقة وخارجها، إلى أن فقدنا الثقة في وفائها بوعودها بوقف هذا الدعم». وحيال تأثير حالة فقدان الثقة في آفاق تسوية الخلاف وفرص نجاح الوساطة الكويتية، بيّن الجابر «في عام 2014 كنا نعتقد بالفعل أن اتفاق الرياض يمثل البداية لتحول حقيقي في سياسة حكومة قطر، ولكن للأسف كنا مخطئين. فعلى الرغم من الوعود التي قدمتها حكومة قطر لمجلس التعاون الخليجي بتغيير سلوكها، إلا أن موقفها ازداد سوءاً. وفي مايو الماضي، كانت لدى الحكومة القطرية الفرصة للتأكيد على التزاماتها بمكافحة التطرف عن طريق اعتبار إيران دولة راعية للإرهاب في المنطقة، لكنهم اختاروا طريقاً مختلفة». وأضاف «الوضع الآن تدهور وتوجب علينا أن نأخذ موقفاً تجاه الحكومة القطرية التي تعمل بشكل واضح وصريح على تقويض استقرار وأمن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودول مجلس التعاون الأخرى. أما بشأن إمكانية الوصول إلى تسوية، فإننا بحاجة إلى رؤية أفعال على الأرض وليس مجرد أقوال، وهناك ضرورة لاستعادة الثقة المفقودة، وهذا أمر آخر يجب أن يوضع في الاعتبار. ولكن الثقة ستأتي فقط عندما نرى خطوات ملموسة يتحتم اتخاذها من أجل الوصول إلى توافق حقيقي مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الموقف المشترك ضد التطرف والمنظمات الإرهابية». كما شدد الجابر على أن الإجراءات المتخذة ضد قطر لا تستهدف الشعب القطري «نحن نتعاطف بصدق وإخلاص مع أشقائنا من الشعب القطري الذين هم إخواننا وأولاد عمومتنا وأصدقاؤنا، سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو هنا في الإمارات العربية المتحدة. إن الإجراءات التي تم اتخاذها ليست موجهة ضد الشعب القطري بأي شكل من الأشكال، وإنما لسياسات الحكومة القطرية التي هي مسؤولة عن حماية تحالفها مع دول مجلس التعاون الخليجي». وفي شأن العمل الخليجي جزم الجابر بأن «مجلس التعاون الخليجي هو مجلس قوي يمتد تاريخه إلى 36 عاماً ويستند على ميثاق يعتمد على تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك على الحوار والشفافية والوحدة والعلاقات الأخوية .. المجلس سيواصل مسيرة النمو والتقدم والازدهار».