الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فرشاة تغزل معزوفة الحنين والأنين وتنظم أنشودة للوطن

يتمحورالمعرض الثاني المشترك للفنانين الأوكرانيين غريغوري سوكيارنسكي وإيغور شبلين، حول عبارة «وطني يتحدث فناً» ويتواصل عرضه حتى 24 يونيو الجاري في قاعة n2n في نيشن تاور - أبوظبي. ويعتبر هذان الفنانان من أبرز فناني المناظر الطبيعية «اللاند سكيب» في أوكرانيا، وتجسد أعمالهما مشاعر الحنين للأهل والوطن وأنين الغربة لكل ما يمثل الوطن وهو ما تجسد في معرضهما الأخير «روحان ووطن واحد». تتحاور الجبال والبحار فتشعر وكأن الأمواج في رحلة خروج مؤقت من الوجدان تحيى الذكريات لوناً وتشكيلاً قبل أن تتكسر وتنحسر وتعود إلى مكمنها. يغوص الفنانان بعيداً في أعماق الطبيعة ودلالاتها من ماء، شجر، ثمار، جبال، منازل، كروم، باختصار، لكل ما يجعل القلب يخفق لهفة واشتياقاً وكأنما يتمثلان قول أبو تمام «كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ». وتعامل الفنانان مع تلك الشواهد بهدوء وأناة من حيث اختيار درجات اللون على سطح اللوحة، وبطريقة ساحرة صقلتها التجربة والمهارة والدراسة، وقبلها الموهبة الفذة. ويبدو اللون وكأنه ظل لألوان أخرى مجاورة، فلا تشنج أو انعطاف لوني حاد بل كل شيء منساب شفاف كماء رقراق. وعلى الرغم من اختلاف أسلوبيهما في طريقة الرسم إلا أن براعة استخدام اللون إلى جانب الموضوع وحّد رؤيتهما، وأذاب فارق المرحلة العمرية بينهما. برع غريغوري في استخدام الألوان المائية، عاكساً عبرها إحساسه الشفاف بكل ما يحيط به، موزعاً التون، أو درجة اللون بدقة في انعكاسات وظلال الموج، فيشعر المشاهد أنه أمام بانوراما لونية يكاد يلمسها بيده، بل وكأنه يعيش لحظات تدفق المياه وإيقاعاتها. ولم يختلف عنه الفنان إيغور شبلن كثيراً رغم اختلاف الأسلوب والمواد المستخدمة، إذ سطّر موضوعه الأثير «الوطن» بالألوان الزيتية على قماش الكانفاس بدلاً من أوراق الألوان المائية، بطريقة شفافة مبدعة حتى قيل عنها «يكاد المرء يشم رائحة الوطن عبر فرشاته». جسد شبلن وهو من مواليد 1961 معالم مدينته «كريميا» من منازل وطرقات وبشر، وركز على موضوع الهجرة وعذاباتها بأسلوب حداثي مزج بين السريالية والانطباعية، وبألوان أكثر حدة. وتتباين الفترة الزمنية بين إنتاج الإثنين، إذ رسم سوكيارنسكي أغلب مائياته في الفترة المحصورة بين 1950-1970 إبان مرحلة الاتحاد السوفيتي السابق، وتسيدت أعماله واجهات المتاحف بعد 40 سنة من وفاته. في المقابل ولد الفنان شبلن عام 1961 وأسس مجلة رسامي الألوان المائية في مدينة كريميا عام 2001 محتفياً بأعمال سوكيارنسكي باعتبارها علامة مميزة في الفن الأوكراني المعاصر.