الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

جبر الخواطر

ما أجملَ أن تجبر خاطراً مكسوراً، وأن تعيده إلى حالته وتجعله مسروراً، وتبعد عنه كل همّ، وتزيح عنه كل غمّ، وتزيل عنه كل ضيق، وتنير له كل طريق، وتقرب منه السعادة، وتجعل ذلك طبيعة وعادة. إن جبر الخواطر وإسعاد النفوس أمر عظيم، وهدف سامٍ لا يسعى إليه إلا من امتلأ قلبه بمعاني الإنسانية وفضائل النفس البشرية، من تسعى نفسه للخير، مقتدياً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، أَوْ تَقْضِي َعنْهُ دَيْنًا ..» فكما نرى، إدخال السرور على القلوب من أحب الأعمال إلى الله ومن أسرع الطرق لكسب رضاه، ولإدخال السرور على القلوب طرق عدة وسبل كُثُر فبكلمة طيبة أو ابتسامة صافية، أو تواضع في تعامل، أو مد يد عون لمحتاج، أو زيارة مريض، أو عطف على فقير، أو إضحاك طفل صغير وإسعاده بهدية، أو إغاثة ملهوف أو إزالة الهم عن المهموم، وإبعاد الغم عن كل مغموم، وغير ذلك الكثير والكثير. ولنيل الثواب والأجر العظيم من هذه الأفعال العظيمة، لا بد لها أولاً من أن تنبع من القلب وتكون خالصة لوجه الله تعالى، وثانياً أن تكون نمط حياة وعادة يومية نحرص عليها ونفعلها بصورة مستمرة لتكون لنا جسراً وصراطاً إلى أعلى الجنان ورفقة النبي العدنان، خير مثال وخير قدوة في جبر كل خاطر. ويجب علينا أن نربي أنفسنا على هذه الخصال الطيبة ونحرص عليها حرصنا على أداء العبادات، وأن نربي أبناءنا أيضاً عليها ونفعلها أمامهم حتى يكتسبوها وتصير عادة لهم أيضاً ولا يتم ذلك إلا بكوننا قدوة حسنة لهم فيها، فمثلاً عوّد ابنك على أن يُبقي شيئاً من مصروفه ويشتري به شيئاً بسيطاً ويقدمه لعامل من عمال الشوارع، اشتر له هدية واجعله يقدمها لطفل محتاج، علمه أن يتقاسم الابتسامة مع الجميع وأن يكون بشوشاً مع الكل، علمه كيف يتواضع ويحسن المعاملة مع الفقير قبل الغني، اجعله مرافقاً لك عند زيارة مريض. ونهاية الكلام أن الإنسان منا يرتكب الكثير من الذنوب ويقع في الكثير من الزلات، وحتى يعتدل الميزان وترجع كفة الحسنات وتخفّ كفة السيئات لا بد لنا من التمسك بهذه العادات الطيبة والأفعال البسيطة لكونها العظيمة في قيمتها، ولتجبروا خواطر أهاليكم وأولادكم وزوجاتكم وكل من تتعاملون معه حتى لو كان غريباً، وإياكم أن تكسروا خاطراً أو تحزنوا قلباً أو تجلبوا هماً أو غماً لأي إنسان مهما كان، ولتفكروا معي في من سنجبر خاطره غداً، بل من سنجبر خاطره اليوم واليوم أولى.