السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«النصيحة بـجمل» 2

يتابع الرجل رحلة العودة إلى دياره. يدركه المساء عند قوم نصبوا خيامهم في قاع وادٍ كبير، يستضيفه أحدهم، وعندما أراد النوم كانت عيناه تتأمّل النجوم، فإذا به يرى نجم سُـهيل بكل وضوح، تذكر نصيحة الشيخ، فهبّ مذعوراً، وأيقظ مستضيفه، ليخبره بما يعرف، ومحذّراً من ضرورة مغادرتهم قاع الوادي إلى مكان مرتفع خشية من السيل. يسخر منه المستضيف، فينتقل الرجل مع مواشيه إلى مكان مرتفع تاركاً قاع الوادي. وفي أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد ليجرف كل من كان في قاع الوادي. ساق الرجل ما بقي من مواشي القوم مع مواشيه، ليتابع رحلة العودة. يصل إلى بيت، رحّب به صاحبه، وبالغ في الترحيب، وعندما تمعّن في وجهه جيداً، فإذا به «ذو عيون بُرْق، وأسنان فُرق»، فأوجس منه خيفة بعد أن تذكّر نصيحة الشيخ. وعندما حان موعد النوم، قال لمضيفه، بأنّه يريد أن ينام قريباً من مواشيه. جرّ فراشه للخارج، وموّه مكان نومه، وانتحى جانباً، فإذا به يرى مضيفه يمشي على رؤوس أصابعه مقترباً من مكان نومه، ليتأكّد من نوم ضيفه، ثم يعود بعد قليل ممسكاً بسيفه، فيهوي به على مكان الرأس، الذي وُضع بدلاً منه حجارة، فما كان من الرجل إلّا أن عالجه بضربة سيف جعلته يدفع ثمن غدره. أضاف ماشية المُضيف إلى ماشيته. وبعد مسيرة عدّة أيام وصل إلى مضارب قومه ليلاً. وسار إلى مكان بيته، رفع الرواق، فإذا به يرى زوجته نائمة وبجانبها شاب طويل الشعر. وضع يده على سيفه يريد قتلهما، لكنّه تذكّر النصيحة الأخيرة. وفي الصباح اقترب من بيته مع ماشيته، رحب به الجميع فرحين بعودته سالماً غانماً. قالت زوجته للشاب الذي كان ينام إلى جانبها: سلّم على أبيك، ورحّب به. النصيحة لا تقدّر بثمن، إذا فُهمت وعُمل بها في وقتها. فهل مِن مُنتصِح؟ كاتب وقاص