الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الهاتف لا يعمل

هناك قصة مؤثرة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عن أمّ ذهبت لمحل تصليح الهواتف وطلبت من صاحب المحل أن يوضح لها إن كان هاتفها به عيب خطير أم لا؟ لكنه أكد لها أنه سليم مئة في المئة ولا يوجد به أي شيء فقالت له: ولماذا لا يعمل؟ إن أبنائي اشتروا لي هذا الهاتف كي يتصلوا بي ولكنهم لا يتصلون. هذه القصة المؤلمة تعكس إلى حد بعيد جحود الأبناء وعدم اهتمامهم بالسؤال عن والديهم بل عدم اكتراثهم أصلاً بالاطمئنان عليهم، وهو خلل كبير في أسلوب التربية، لأن هؤلاء الأبناء سيصبحون آباء في يوم من الأيام وسيعاملون بالجفاء نفسه إن لم يكن أكثر من قبل ذويهم. في العام 1997 التقيت بالمذيعة الألمانية المرموقة باربارا ريدل مديرة قسم الطفولة في إذاعة بافاريا الثالثة، وسألتها عن الأمنية التي تتمنى تحقيقها بعد هذا المشوار المهني الطويل وسر تحولها لبرامج الأطفال برغم شهرتها الواسعة؟ فأكدت أنها تتمنى لقاء ابنها الوحيد الذي لم تشاهده منذ أكثر من عامين، وأنها تحولت لهذه النوعية من البرامج كي تعلّم الأطفال الحنان والسؤال عن أهلهم وعدم الجفاء، وهي آفة خطيرة تعاني منها المجتمعات الأوروبية بداعي العملية والعمل المتواصل ليل نهار. في لحظة من اللحظات يتصور البعض أنه مشغول بنجاحه وحبه لعمله ولعائلته، وينسى أو يتناسى أهم ما لديه في الحياة، وهما والداه، فلن يكتمل النجاح مهما كان إلا برضاهما، ولن يسعد الإنسان بشيء في حياته إذا لم يُسعد أهم من لديه في الحياة، ولن يشعر بذلك إلا إذا فقد أحدهما وساعتها لن ينفع الندم. أخيراً: وبالوالدين إحساناً. [email protected]