الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

البييربيتيريو يُقوِم المدمنين في اليونان ومطالب بإعادة التوزيع

انقسم المجتمع اليوناني ما بين مؤيد لبقاء الأكشاك في الشوارع بدعوى أنها مظهر حضاري ووسيلة لكسب الرزق الحلال وحق لأصحابها، وبين المنادين بسحب تراخيص الأكشاك المهجورة وإعادة توزيعها على الشباب لانتشالهم من هوة المخدرات والبطالة. وتمثل الأكشاك (بيريبيتريو) جزءاً من تاريخ اليونان المعاصر في القرن الـ 20، وتنتشر في كافة المدن والجزر لتشكل جزءاً من الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبدأت قيمتها المادية ترتفع مع ازدياد الطلب للحصول على موافقات بافتتاح المزيد منها. ويعود افتتاح أول (بيريبتيريو) إلى عام 1911 في أثينا في شارع بانييستيميو، عندما قررت الحكومة منح رخص إنشاء الأكشاك للمتقاعدين من العسكريين الذين خاضوا الحرب ضد العثمانيين بديلاً عن الرواتب. ويتمازح اليونانيون عندما يقولون الحمد لله إن المرأة التي كانت تدير الكشك استطاعت الهروب في اللحظة المناسبة عندما ابتلعت الأرض الكشك إثر انهيار الأرض أثناء إنشاء الخط الحديدي عام 1997. وبعد مشاحنات بين الأحزاب اليسارية واليمينية حول مصير الأكشاك بعد وفاة المتقاعدين، منح البرلمان موافقته على توريث تلك الأكشاك من الآباء إلى الأبناء، لكن المجتمع المدني بدأ يرفع صوته مجدداً ضد العائلات التي احتفظت بحق ملكيتها لـ «البيربيتريو» واستغلتها مستودعات لأثاث عتيق وخردوات. ووقف مثقفون وفنانون ضد الظاهرة، معتبرين أن النمو الاقتصادي الذي حققته البلاد العام الماضي والذي يصل إلى اثنين في المئة لم يمنع من انهيار القيم الأخلاقية للشباب وانجرافهم إلى بؤرة المخدرات، ما يستدعي حلولاً لمساندة العائلات التي وضعت أبناءها في برامج الإقلاع عن المخدرات. وبدأت أنطونيا ميخاليس، والتي تعمل مساعدة اجتماعية، مع فريقها في جمع آلاف التواقيع من المواطنين، مطالبين بسحب رخص الأكشاك المهجورة، وافتتاحها مجدداً وتوزيعها على الشباب والشابات الذين يناضلون للإقلاع عن المخدرات والعودة إلى الحياة الطبيعية. ويتفاعل سكان أثينا بشكل مسبوق مع المقترح، خصوصاً أن تلك الأكشاك تلبي الحاجات اليومية للمواطنين الذين يشترون الصحف والمجلات منها والتي تحولت بشكل تلقائي إلى مراكز استعلامات، إذ يقتني أصحاب الأكشاك جهازاً لوحياً للمساعدة في توجيه السائل إلى وجهته، الذي يسارع بدوره إلى شراء مجلة أو زجاجة مياه أو حلوى. يؤكد نيكتاريوس انتوبولس 25 عاماً الذي يجلس في الكشك في منطقة برياس، منذ أن تخرج من كلية الهندسة، أنه يعمل في وظيفة ممتعة، فهي مكان يتجاذب الناس فيه أطراف الحديث، ويتعرفون في الجانب الآخر إلى زوار المدينة. ويسمي أهالي حي ثيوتوكي صاحبة الكشك «ماما رامبيلي» التي تواظب على البيع منذ 25 عاماً، فهي تعرف أدق تفاصيل الحياة في الشارع المطل على الميناء، وتمتلك قائمة بمواعيد رحلات السفن «الفيري» إلى الجزر. وتؤكد أهمية العمل في الأكشاك للشباب الراغبين في الاندماج الاجتماعي بعد التوقف عن تعاطي المخدرات، متضامنة مع إعادة توزيع تلك الأكشاك.