الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أتعلم منك

أذهل تماماً عند رؤية البعض يتعالى على الآخرين، ولكن حجم الذهول يتزايد عندما يظهر هذا الفعل المشين ممن يفترض فيه العلم والمعرفة، هنا تكون فداحة الألم أكبر، لأن من يتسلح بالعلم والمعرفة يكون قد وضع سياجاً يمنعه من الانزلاق نحو الهاوية، والتكبر على الآخرين هاوية بكل ما تعني الكلمة، فالكبر يمنحك ثوباً فضفاضاً ليس على مقاسك، وبرغم هذا تعتقد بأنه ثوبك وتم تفصيله لك.. عندما تسمع أحدهم يتحدث في كل علم وفي كل مجال، وكأنه قد ارتوى من بحر العلوم ولم يسبقه أحد، ولن يأتي بعده من يتفوق عليه وعلى علمه، عندها تنبع التساؤلات العديدة، مثل كيف لم يسعفه علمه في معرفة سوء مثل هذا السلوك؟ وسؤال آخر من أين نبعت كل هذه الأنا المتضخمة المتعالية؟ وسؤال ثالث من الذي شجع نمو هذه النظرة للنفس حتى جمعت كل هذا الغرور؟ وغيرها من الأسئلة التي تحاول فعلاً الفهم وتبيان الحقيقة.. التواضع من خصال أهل العلم، والتواضع ميزة كل من يحمل رسالة القلم وبين يديه كتاب، المتعلمون هم أسعد الناس إذا أتيحت لهم فرصة الحديث عن العلوم ليفيدوا الناس، وليس من أجل تمجيد النفس والاسم، التواضع هو سمة وخصلة كل عالم متميز، الأديب والفيلسوف والشاعر الأمريكي رالف والدو إمرسون، الذي كان أحد أبرز أعلام الفلسفة في أوائل القرن التاسع عشر، يعطينا درساً في تواضع العلماء حيث قال: «كل إنسان أصادفه لا بد أن يفوقني من ناحية أو أخرى، ولذلك أحاول أن أتعلم منه». [email protected]