الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مذيع في ورطة!

مذيع في ورطة!

أيمن العريشي

في خضم السعي المحموم من قبل البشر في مجال تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، خبرٌ لافت طالعتنا به وكالة شينخوا الصينية حول ما يسمى بالمذيع التراكبي أو مذيع الذكاء الاصطناعي.

شاهدت المذيع الجديد بملامحه الآسيوية الجادة ولغته الإنجليزية ذات اللكنة البريطانية التي لا تخطئها أذن، حتى تخاله خريج إعلام في جامعة مرموقة بامتياز مع مرتبة الشرف!

قلبي على أصدقائي المذيعين التلفزيونيين الذين يبدو أنهم الحلقة الأولى في مسلسل طويلٍ من إحلال الآلة مكان البشر.


ربما الأمر لن يكون بهذا السوء في الحقبة القليلة المقبلة على أقل تقدير، لكن هناك معضلة أكبر آخذةٌ في الظهور على السطح يوماً بعد يوم، وأعني بذلك مسألة البعد القيمي والأخلاقي ومدى حضورها في أجندة مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي.


ففي الولايات المتحدة وغيرها من البلدان ذات السبق في توظيف الآلة مكان العنصر البشري، والتي فقد فيها العمال وظائفهم بسبب إغلاق المصانع، يواجه أولئك المسرحون من وظائفهم تزايد خطر معدلات الانتحار ونسبة تعاطي المخدرات والإصابة بالاكتئاب.

يقول إيزيكيل إيمانويل، المتخصص في أخلاقيات علم الأحياء، والذي كان مستشاراً في مجال الرعاية الصحية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما «يعد العمل الجاد ذو المغزى عنصراً مهما للغاية من مكونات هوية المرء».

وهذه حقيقة، فليس من السهولة أن يستوعب المرء أن هذه الآلة التي طورها عبر قرون من الزمن قد أضحت تمثل تهديداً له في رزقه وتنافسه في أكل عيشه عندما تتساوى معه في القدرة على العطاء أو ربما تضاهيه! ومن هذا المنطلق تتعالى الدعوات اليوم إلى دورٍ أكبر ينبغي أن يضطلع به الحقوقيون والمتخصصون في مجالات القيم والأخلاق. إنها ليست دعوات لخنق الابتكار أو الوقوف في وجه المستقبل، لكنها مجرد محاولات لضمان انتقال سلسٍ من عصرٍ يسيطر عليه البشر، إلى عصرٍ تزاحمهم فيه الآلة.

[email protected]