الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

عودة الصحافة..

عودة الصحافة..
تواجه الصحافة الرصينة تحديات كبيرة بعد انحسار السوق الإعلاني نظراً لدوران العجلة الاقتصادية وظهور منافسين أثبت الوقت ضعفهم، الأمر الذي جعلها تبتكر أساليب جديدة بحثاً عن مردود مكن عدداً كبيراً منها من البقاء وبمساندة حكومية بعد إدراكها دورها المهم كجزء رئيس في بناء الدولة.

للنظر في الفرق بين قطاع الصحافة والقطاعات الأخرى يتضح أن الحكومة الإماراتية واكبت المتغيرات من خلال بعض التشريعات والإجراءات التي مكنتها من البقاء، ولكن الصحافة بقيت خارج الحسبة وهذا ما جعل الصحافة الإماراتية تراجع وضعها بطرحها حلولاً في كيفية تعدي المرحلة الحرجة.

بعض هذه التحديات كان الوقت كفيلاً بحله، وهنا أذكر وسائل التواصل الاجتماعي التي شابتها العديد من الإشاعات والحروب الإلكترونية، ما أدى إلى النفور منها على الأقل من النخب، بينما تؤكد التقارير أن الصحافة لا تزال مصداقيتها تقوى يوماً بعد يوم وآخرها تقرير «إيدلمان» الذي أظهر تصدر وسائل الإعلام التقليدية في الإمارات بمؤشر ثقة الجمهور في الأنباء التي تبثها، كما هو حال العديد من المعلنين الذي أوضحوا أن تجربتهم في التوجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي وحتى ما يطلق عليه «فاشونيستات» لم تكن موفقة.


أمام التحرك الذي تنبغي مناقشته مع مختلف الجهات لبقاء الصحافة هو النظر لكل أنابيب سحب الأموال من «صاحبة الجلالة» التي كانت مقبولة في السابق، واليوم يجب أن تتوقف الرسوم التي يدفعها المعلن لجهات مختلفة، مثل قطاع الصحة أو الجهات التعليمية والسياحية وغيرها، التي تفرض عليه الحصول على موافقة مسبقة مع دفع رسوم عليها، ما جعل العديد من المعلنين يفضلون الابتعاد بعد «وجع الرأس» ومتابعة طلباتهم لأجل إعلان أو الرسوم الإضافية التي سيتحملونها وكلها ضد المعلن وضد الصحف.


كما ترك الباب مفتوحاً للمناطق الحرة لمنافسة الصحف المحلية في رزقها وهو ما يخالف قانون إنشاء تلك المناطق الذي يعد أمراً مستغرباً عند طرحه على الجهات الإعلامية خارجياً، والتي بدورها عملت مع حكوماتها في تقوية سوق الإعلانات الخاص بوسائل الإعلام المحلية ومنها فرض رسوم وضرائب كبيرة على كبرى محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي وفرض قوانين صارمة لحماية الحقوق الفكرية والأدبية لهذه الصحف بينما نراها عكس ذلك لدينا، ويومياً تسرق أخبار وتنشر على ما يطلق عليه منصات إخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي التي تنبغي محاكمتها حتى لو ذكرت اسم الصحيفة في نقلها من دون دفع رسوم سنوية كاشتراك في خدمة الصحف، ووصل الحال لدى بعض الحكومات الديمقراطية الكبرى بدعم صحفها سنوياً بملايين اليورو لبقائها من دون المساس بحريتها من منطلق إيمانها بأهمية الإعلام ودوره في بناء الدولة.

اليوم علينا كإعلاميين تغيير النمط الذي كنا نعمل عليه طوال العقود الماضية، إذ يتحتم علينا إعادة النظر في إعلامنا الداخلي بين الحكومي والخاص والتأكيد على أن كليهما يكمل الآخر، أمام تحدٍّ يطلب تضافر الجهود والسعي الحثيث لتغيير أنظمة من شأنها إبقاء الصحافة في مكانتها وسط المتغيرات التي نعيشها حالياً.

[email protected]