الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الإذاعة في عصر السوشيال ميديا

الإذاعة في عصر السوشيال ميديا
مرّت بِنَا قبل أيام مناسبة إعلامية أعتبرها مهمة جداً، حيث صادف الثالث عشر من فبراير اليوم العالمي للإذاعة، وهي مناسبة تذكّرنا بالدور الريادي لهذه الوسيلة الإعلامية القديمة والعريقة، هذه الوسيلة كانت الأكثر انتشاراً قديماً على حساب الوسائل الأخرى، نظراً لكونها تناسب جميع الفئات ولا تتطلب مهارات معينة مثل إجادة القراءة والكتابة، وهذا ما جعلها تتفوق في السابق، ولطالما ارتبطت بذاكرة الأجيال، وكان لها الإسهام الأبرز في بناء شخصياتهم وثقافتهم ووعيهم وحتى انتمائهم.

أما اليوم في زمن «السوشيال ميديا» فأعتقد أن الإذاعة لا تزال حاضرةً بقوة أيضاً، فهي التي تخاطب الوجدان وتبني العقول وتثري المعرفة، وهي التي تعزز التواصل الفعّال وتطرح قضايا المجتمع بلغة حوارية مبسطة وقريبة إلى قلب المستمع، لا تزال الإذاعة حاضرة بقوة لأنها سهلة الاستخدام ولا تتطلب التفرغ الكامل لها، بالإمكان الاستماع إليها أثناء قيادة المركبة وهذا ما يفعله أكثر الناس.

وهذه المكانة التي تحظى بها الإذاعة تجعلها تستمر في لعب دورها المهم والمؤثر في المجتمع، من حيث طرح المواضيع التي تهم المستمعين، وتقديم وجبة إعلامية متكاملة كل يوم، تحقق المتعة والفائدة معاً، وتعطي المستمع الفرصة للمناقشة وإبداء رأيه، إننا حين نستمع إلى الإذاعة كأننا نصغي إلى أصواتنا، نعم كأن الإذاعة هي ذلك الضمير الذي يخاطبنا، ذلك الإرث المتجدد كل حين، ذلك الصوت الإنساني العميق والرقيق، وفي ظل التحديات التي يواجهها إنسان هذا العصر، نحن بأمسّ الحاجة إلى الإذاعة!


نحتاج الصوت الإذاعي الذي يطرح المواضيع بشمولية وهدوء، يطرح المواضيع بلغةٍ أنيقة، وأسلوب قوي يثري المتلقي، نحتاج لهذا الصوت الإذاعي في ظل ثقافة السرعة والتسرع السائدة في زماننا، نحن لسنا ضد السرعة والاختصار، لكننا تحديداً ضد التسرع والاقتضاب الذي يقتل بعض المواضيع ولا يعطيها حقها ووقتها، وحينئذ قد ينشأ جيل نصف متعلم ونصف مثقف، وليس مزوداً بالمعلومات الكافية والغزيرة والدقيقة، في نظري أن الإذاعة القوية الصامدة هي الحل، فهي لا تزال تحظى بجماهيرية واسعة، ولا تزال تقدم محتوى رائعاً، وأظنها ستصنع الفارق في إعلامنا وحياتنا وأجيالنا!


[email protected]