الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

لسنا في قلب الفوضى وليسوا في عمق المثالية

من المستحيل الاستمرار في اعتبار الغرب رمز النظام والاستباقية والدقة والمؤسسات التي لا تشوبها شائبة، فيما نحن على النقيض نصم أنفسنا بأننا قلب الفوضى وعشوائية القرارات وانعدام التخطيط. واقع الأمر أن لا هذا ولا ذاك صحيح مئة في المئة. بالطبع لا يمكن إنكار قوة المؤسسات الغربية وتميزها بقيامها على مرتكزات واضحة وصلبة، بالقدر نفسه الذي لن نتعامى فيه عن عيوبنا وحاجتنا إلى كثير من الانتظام والتنظيم والالتزام مواطنين قبل الحكومات. إلا أن كل هذا لا يمنع أن المصالح والتكتلات الكبرى في الغرب تحرك كثيراً من الملفات حتى الشائكة منها بحسب وجهتها وما يتناسب ومصالحها. فعلى سبيل المثال في الوقت الذي تسعى في بعض الدول في منطقتنا بجدية وإرادة حقيقية صوب الطاقة المتجددة، نجد أنه على الرغم من أن التدابير المرتبطة بالانتقال نحو هذه الطاقة، التي من المفترض أنها ضمن أولويات الدول الصناعية الأوروبية الكبرى، فمسألة الخطر النووي وافتراض حدوث سيناريوهات خطرة عند إغلاق بعض المحطات النووية، تقريباً مستثناة من النقاش العام حول الطاقة على سبيل المثال في فرنسا. لهذا تبقى التساؤلات المتعلقة بالكيفية المثلى لتطوير محطات الطاقة النووية مشروعة وبالغة الأهمية، وذلك بسبب أهمية الجانب النووي في إنتاج الكهرباء اليوم، بنسبة تصل في فرنسا مثلاً إلى 75 في المئة، وهو ما جعل هذا القطاع يحتل على مدى نصف قرن تقريباً دوراً مركزياً لا يمكن تجاهله في سياسة الطاقة. إلا أنه من الصعب أيضاً استبعاد أي حوادث كبيرة مثل حادثي تشيرنوبيل أو فوكوشيما، وتكرارها في أي مكان في العالم. في المقابل نجد البلدان العربية التي تسعى نحو هذه الطاقة، وحتى ولو كان عددها محدوداً، إلا أنها تتحرك من منطلق مسؤول وتتبع نهجاً يتسق مع أحدث النظم العالمية في هذا الصدد. قد يرى البعض أن بلداننا لا تمتلك مكونات القوى الصناعية الكبرى نفسها، لكن الأمر لا يتعلق بماهية كل بلد، بل بنهج دراماتيكي سياسي أصبح سمة تحرك البلدان الكبرى للمحافظة على مصالحها وقوتها واقتصادها حتى ولو كان على حساب المخاطرة أحياناً. [email protected]