السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لأنفسهم فقط!

نحن في أيامنا هذه نفتقد كثيراً تلك الشخصيات الملهمة، الشخصيات القيادية التي أدركت أن النجاح الحقيقي لأي شخص ولأي قيادي يقاس بعدد الأشخاص الذين قام بخدمتهم وإسعادهم، وبحجم الفَرْق الذي صنعه في حياتهم، ويقاس أيضاً بعدد الشباب الذين قام بتمكينهم، وعدد القيادات التي أسهم في إعدادها لمستقبل بلاده ومجتمعه، أولئك أدركوا هذه المعاني النبيلة فترجموها أفعالاً على أرض الواقع، فسخّروا أوقاتهم لخدمة الآخرين، وحفروا مكانتهم في قلوب الناس، ولا يزال ذكرهم يتردد على الألسن بكل خير. أما في وقتنا الحالي فإن الكثير من الأشخاص لم يفهموا المعنى الحقيقي للنجاح، ركضوا خلف تحقيق مصالحهم فقط، اتخذوا الأنانية منهجاً ومصالحهم الشخصية مقصداً والتزلف وتكوين العلاقات وسيلة، كل تركيزهم ينصب على بناء مستقبلهم الذاتي فقط، يفكر الواحد منهم في تحقيق المصلحة تلو الأخرى، وجمع المنفعة تلو الأخرى بطمعٍ ودون شبع، من غير أي اكتراث بالآخرين، ولا إدراك لحقيقة النجاح، الذي بإمكاننا اختصاره في كلمتي التمكين والعطاء. قيمتك ليست في وصولك إلى القمة فقط، بل في الشباب الذين تدعمهم وتلهمهم وتقف بجانبهم وتأخذ بأيديهم ليصلوا هم إلى القمة أيضاً، وهنا نستذكر الحديث الشريف، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه، كما أن سعادتك لا يمكن أن تحققها من خلال الأنانية أو التفكير في نفسك فقط، بل من خلال حرصك على الآخرين كما تحرص على نفسك تماماً، وقد روي عن عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما، عن النَّبيّ عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه قال: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ..) رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة. خلاصة القول، لا ينبغي أن تعيش لنفسك فقط، عش للآخرين أيضاً، فمع كل شخص تخدمه وتمكنه وتسعده ستعيش حياة أخرى وسعادة جديدة، وليس هناك أجمل من أن تسعد شخصاً وتصنع فرقاً وتلهم شاباً، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله : «يقضي الإنسان حياته كاملاً في بناء مهاراته وكفاءاته وتعظيم ممتلكاته وتكثير موجوداته .. ولكنه لن يجد معنى الحياة الحقيقي إلا عندما يبدأ في منحها لمن يستحقها .. لا يمكن أن يشعر الإنسان بالاكتفاء إلا عندما يبدأ بالعطاء» كلمات من ذهب تختصر ما نود قوله، وتدفعنا جميعاً إلى تغيير نظرتنا في الحياة، وتغيير مفهومنا لمعنى النجاح والقيادة، وتخصيص الكثير من الوقت والجهد للشباب من حولنا. باحث ودارس إعلام [email protected]