الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لا حياة لمن تنادي

«رجاء ممنوع الأكل» عبارة مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية تصادفك وأنت تتسوق في المراكز التجارية في ركن الخضراوات والفواكه، ولكن وكأن العبارة مخفية أو شفافة على الكثير، حيث لا يأبهون بها ويواصلون تلك العادة المقيتة جداً. إنهم يأتون للأكل وإشباع بطونهم لا للتسوق مثل باقي البشر، فئة بقدر ما أتضايق منها بقدر ما آسف عليها، لأن تصرفاتها ومن دون شك هي انعكاس لحقيقة تركيبتها وتربيتها، البعض منهم أكاد أجزم بأنه يتناول وجبة سريعة في ركن المطاعم ثم يتوجه مهرولاً لركن الفواكه من أجل الحصول على تحلية مجانية. توجهت نهاية الأسبوع الماضي برفقة عائلتي الصغيرة إلى أحد المراكز التجارية فاستفزني المشهد كثيراً وأنا أرى الأشخاص يتخيرون الفواكه الجيدة ليلقوا بها في بطونهم ثم يكملون طريقهم، وآخرون ينتقلون بين الفواكه مثل النحل فيتخيرون من كل صنف أحسنه، أزعجني الأمر فوقفت مثل الناطور بدوري موزعاً ملاحظاتي ومطلقاً العنان لتهكمي وسخريتي، منهم من كان يخجل ويطأطئ رأسه وينسحب بهدوء، ومنهم من كان غير مبالٍ وكأن الحديث لا يخصه، أما آخرون فكانوا ينظرون إليّ بشذر وكأنهم يقولون لي «وأنت ما دخلك؟». أعتقد أنه من واجب الكل أن يأخذ الأمر بجدية ومن منطلق «نعم لي الحق في التدخل لأن الأمر يعنيني» لأنك لست أفضل مني، ففي حين أدفع أنا النقود للحصول على هذه السلع تأتي أنت لتأخذها بالمجان ومن دون وجه حق، هل على رأسك ريشة مثلاً؟ وأنا أقول هذا تجاوز فقط، لأن الأمر بالأساس ليس من الآداب العامة ويشوه المشهد العام. لدي أمنية غريبة ومجنونة في الوقت عينه للحد من هذه الظاهرة وهي أن تعلم كل الفواكه بمضاد السرقة حتى إذا أراد أحدهم الخروج بعد أن أشبع بطنه انطلق جرس الإنذار عند البوابات، وحتى وإن لم يدفع ثمن ما أكله فيما بعد فتكفيه «بهدلة» التوقيف أمام الناس، هذا إن كانت البهدلة في قاموسهم بالأساس.