الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

عبدالله بن سوقات المدير التنفيذي لجائزة حمدان بن راشد للعلوم الطبية: مركز لأبحاث السرطان العام الجاري ونقص في الكوادر الطبية المتخصصة

اختياره اختصاص الرعاية الصحية وسياسة الإدارة فيها، لم يكن مجرد رغبة في الدراسة أو واقعاً أهله لدخول ميدان القطاع الصحي في الدولة وحسب، بل هو اختصاص يتناسب مع فلسفته المستمدة من منظومته الأخلاقية. ولأنه عمل أكثر من ثلاثين عاماً في القطاع الصحي متدرجاً في المهام الوظيفية والمناصب الإدارية، أكد المدير التنفيذي لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية عبد الله بن سوقات، أن الارتقاء بمستوى الرعاية الصحية في الإمارات يتطلب توليفة وتناغماً بين القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي لتحقيق التكامل. وأوضح ابن سوقات أن خطط الجائزة في دورتها الجديدة 2013 * 2014 تركز على الارتقاء بمستوى التعليم الطبي المستمر عبر إطلاق مركز لأبحاث السرطان في العام الجاري، مشيراً إلى أنه يتم العمل حالياً على إعداد قائمة الأطباء المقرر التحاقهم بالدورات من قبل وزارة الصحة. وذكر أن الحكومة تدعم مادياً وبكل طاقاتها نحو اقتناء أحدث المعدات الطبية، وإبرام اتفاقيات التعاون مع الدول المتقدمة لاستقطاب الكفاءات وإرسال البعثات للتدريب والتطوير وبناء المستشفيات، مشدداً على أن المشكلة الرئيسة في القطاع الطبي تتركز في سلوك تقديم الخدمات الطبية في القطاع الحكومي، والنقص في الكوادر المتخصصة على مستوى الإدارة والأطباء والتمريض. ودعا ابن سوقات إلى فصل المهام الإدارية عن الطبيب، ليتفرغ كلياً لاختصاصه، مطالباً بإعادة النظر في الدرجات الوظيفية والحوافز المباشرة وغير المباشرة لتحفيز المواطنين على دراسة علوم الطب وتخصصاته. وأعرب عن أمله في إنشاء مؤسسة شبه حكومية أو حكومية تمثل الدولة في الخارج لتقديم المعلومات عن الخدمات الطبية، محدداً أهدافها بالسعي نحو تحقيق التكامل بين القطاعين الخاص والحكومي في توليفة تحقق مطلب النهضة في قطاع السياحة العلاجية والقائم على مبدأ تنظيمي بحت. ولفت ابن سوقات إلى أهمية الوقوف على أسباب الضعف وتجاوز أخطاء التشخيص والعلاج، منبهاً إلى ضرورة إيجاد الحلول لتقليل فاتورة مدفوعات الحكومة بإرسال المرضى للعلاج في الخارج. وإلى نص الحوار: * ما المفهوم الذي بنيت عليه جائزة الشيخ حمدان بن راشد للعلوم الطبية؟ * إن ارتقاء أي أمة يعتمد على ثلاثة قطاعات تتمثل بالصحة والتعليم والبيئة المناسبة على المستوى الأمني والتجاري والترفيهي، ولازم هذا الهاجس سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم منذ إنشاء جائزة العلوم الطبية والتعليم وأفضل الممارسات. وعليه فإن جائزة العلوم الطبية تقوم أيضاً على ثلاثة مرتكزات في خدمات القطاع الطبي، تتمثل بالقطاع الحكومي والخاص والأكاديمي، لتحقيق التواصل وربط الجهات الثلاث عبر منظومة لها هدف معين، ومن هنا جاءت فكرة تكريم المتميزين وهو مبدأ الجائزة، إذ نكرم العلماء في مختلف أنحاء العالم لندفع العنصر المحلي نحو الإبداع والريادة. وبهذا فإن الجائزة تهتم بتكريم المتميزين في البحث العلمي وحث الأطباء عبر تقديم الدعم المادي لنشر البحوث في المجلة الطبية الخاصة بالجائزة. ولا بد من الإشارة إلى أن منظومة الجائزة تقوم على نظام التعليم الطبي المستمر لذلك تم إنشاء مركز خاص للمؤتمرات والتدريب، ودعمها عبر استقطاب أطباء ومحاضرين مع فتح المجال للاتفاقيات، إذ تمت مع جامعة واشنطن وموبيلييه في فرنسا وكليفلاند في الولايات المتحدة والعمل جارٍ مع جامعة السوربون في فرنسا والجامعة الأمريكية في القاهرة. * ما المعايير المعتمدة في التقييم للحصول على الجائزة؟ * تبدأ فكرة اختيار الموضوع الطبي بناء على دراسات اللجنة العلمية للجوائز متمثلة بالأكاديميين والأطباء المنتمين إلى جامعات الدولة، إذ يتم النقاش وتحديد التخصص في أربعة مجالات تنضوي تحت مظلة جائزة حمدان العالمية الكبرى وجائزة حمدان للبحوث الطبية المتميزة. وفي الدورة الجديدة تم تحديد الموضوع القائم على الاكتشافات الدوائية لأنه يرتبط ارتباطًا وثيقاً بعلم الجينات، وبالتالي فإن المواضيع الثلاثة الأخرى مرتبطة في الإطار نفسه، أما مبدأ الترشيح فيعتمد على أعضاء اللجنة العاكفين على البحث عن المتميزين في العالم بحسب الاختصاصات، والذين يتم حصر أسمائهم ضمن قوائم لينتقلوا إلى المرحلة الثانية المرتكزة على اختيار المرشح الذي ينتقي اختياراً، إما بأن يكون مرشحاً لنيل الجائزة أو محكماً، وطبعاً يدور ذلك في فلك المؤسسات التي ينتمون إليها واتفاقيات رسمية، مجسدة لمفهوم الشفافية والمصداقية وتستغرق مدة عام ونصف. وأود هنا الإشارة إلى أن آلية العمل والأسلوب خلقت مصداقية في أوساط العلماء على مستوى العالم بالجائزة، إذ تعتمد أسماء الفائزين في الترشيحات لنيل جائزة نوبل. * ما خططكم المستقبلية للعام الجاري؟ * تركز الدورة 2013 _ 2014 للجائزة على أكثر من منحى والهدف الارتقاء بمستوى التعليم الطبي المستمر، القائم ليس فقط على مبدأ عقد المؤتمرات بل على الاتفاقيات المبرمة مع جامعات عالمية، والتي يتم عبرها تبادل واستقطاب الخبرات وإرسال الكفاءات للتدريب إلى الخارج. وبدأنا مع جامعة كليفلاند في أمريكا، ونستعد لاختيار الأطباء المقرر إيفادهم للتدريب بالإتفاق مع الهيئات الطبية داخل الدولة بإشراف الوزارة، للارتقاء بالخدمات الطبية، ونهتم بعلوم الاقتصاد الطبي المعتمد على ركائز مختلفة قائمة على الجانب المالي والبحثي والدراسات، لأنه مبدأ استراتيجي لتحقيق الارتقاء، لذلك بدأنا بدورة تأهيلية للحصول على دبلوم في الاقتصاد الطبي من جامعة واشنطن، ومن المفترض أن تكون مع مطلع مارس المقبل، إضافة إلى تخصصات أخرى يتم الإعداد لها مع جامعتي مونبلييه وباريس ومنها دورات حول موضوع التخدير. ومن ضمن الخطط مشروع هام جداً يتعلق بإنجاز دراسات تتعلق بسجل الأمراض السرطانية والاستعداد لإطلاق مركز أبحاث في النصف الثاني من العام الجاري، مع الإشارة إلى أننا فتحنا المجال أمام المتخصصين من الأطباء للوقوف على ظاهرة ارتفاع نسبة خضوع المرأة للعمليات القيصرية على مستوى العالم، والتي تم تحديد نسبتها بين 5 إلى 15 في المئة، غير أن النسب وبحسب التقارير في الدولة ارتفعت لتصل إلى 25 في المئة. * كيف يمكن تعزيز دور الأطباء لتحقيق مستوى أفضل في الرعاية الطبية؟ * لتحقيق ذلك وتفعيله لا بد من العودة مجدداً للحديث عن الإدارات القائمة على الخدمات الطبية، وأكبر مشكلة نواجهها لتحقيق استراتيجة الحكومة، هو التغلب على ضعف الكفاءات الإدارية، إذ يجب تضافر جهود القطاع العام والخاص والأكاديمي لنصنع منظومة واحدة يتم فيها تقييم النظام، وسنبقى في الدوامة إذ لم نعيد النظر في النظام الحالي، وحقيقة يجب هنا الإشارة إلى أن الحكومة لم تقف يوماً عائقاً أمام التطوير والتحدية وتقوم بصرف ميزانيات كبيرة للقطاع الصحي، لذا فإن المشكلة القائمة في الخدمات الإدارية تتلخص في المنظومة الإدارية التي لم تعط الطبيب والكوادر الطبية من تمريض وأقسام فنية الحوافز الكافية. * هل مشكلة الحوافر السبب الرئيس وراء انتقال بعض الأطباء من القطاع الحكومي إلى الخاص؟ * يشير الواقع إلى أن العديد من الأطباء العاملين في القطاع الحكومي غير متفرغين بشكل كامل، إذ أن بعضهم يمتلك عيادات خاصة، وآخرون مرتبطون مع المستشفيات في القطاع الخاص لتحقيق طموحاتهم المادية، وهنا لا نعمم، ولكن الواقع خلق ظاهرة تحويل المرضى إلى عياداتهم الخاصة وبالتأكيد فهناك مرضى لايترددون عن استشارة العيادات الخاصة، وإن شكل عبئاً مادياً لتجاوز مشكلة الانتظار. ولا بد من الإشارة إلى أن الحكومة خصصت كادراً مالياً للوظائف، ولكن المشكلة في القطاع الطبي على سبيل المثال أنه لا توجد توليفة مناسبة، إذ لم يتم دراسة الدرجات الوظيفية بصورة صحيحة ولذلك من المفترض في هذه الحالة إعادة النظر بالحوافز المباشرة والمكافآت التي تحفز المواطن وتشجعهم على مهنة الطب، وتعزيز دوره عبر تفريغه كلياً لمهنته، وفصل مهنة الطبيب عن الإداري. * بعض المرضى يشكون من أداء القطاع الحكومي على خلاف القطاع الخاص؟ * معظم الشكاوى تتمحور في سلوك تقديم الخدمة للمريض، والتي يتفوق بها القطاع الخاص عن الحكومي، وربما يعود ذلك للازدحام الذي تعاني منه المستشفيات في القطاع الحكومي، لكن لا بد من التنويه إلى أن القطاع الخاص يعتبر أداءه دون المستوى المطلوب في جوانب أخرى، إذ أن الأخلاقيات الطبية، والتي تؤكد على ضرورة استقبال المريض وقبول علاجه تحت أي ظرف بعيدة عن أولويات المستشفيات الخاصة والتي ترفض استقبال حالات ميئوس منها لتتجاوز مسألة تسجيل نسبة الوفيات في سجلاتها والحفاظ على سمعتها، بينما لا تتردد مستشفيات القطاع الحكومي العناية بالمريض وتقديم الإسعافات له حتى للحالات الميؤوس منها. * هل تلك الإشكاليات تقف عائقاً أمام تحقيق سياحة علاجية؟ * السياحة العلاجية تقوم على مبدأ تنظيمي بحت، لذلك علينا أن نطرح بعض القضايا المهمة وإيجاد حلول جذرية لتحقيق النهضة في قطاع السياحة العلاجية لا سيما أن الإمارات تمتلك مقومات أساسية تمهد لها الطريق أن تكون في مصاف الدول المتقدمة في هذا الشأن. وهنا لا بد من الإشارة إلى أننا لم نتمكن من تقليل نسبة المرضى الذين يتلقون العلاج في الخارج بالشكل المناسب، إذ لا تزال فاتورة مدفوعات الحكومة مرتفعة في علاج المواطنين خارج الدولة، ولا بد من تحقيق التناغم بين القطاعين الخاص والحكومي، وإلغاء التنافسية بهدف توحيد الجهود لتحقيق التكامل، والأهم هو النظر بتسعيرة العلاج وتكاليفه التي تعتبر مرتفعة. لذلك فإن إنشاء مؤسسة حكومية أو شبه حكومية لتمثيل القطاع الصحي في الدول المتقدمة ضرورة، للتعريف بالخدمات الطبية في الدولة أو مكاتب في السفارات وتقديم كافة المعلومات عن الأطباء والأجهزة والمعدات والأماكن والفنادق، وغيرها لتشكل حزمة من الخدمات التي يحصل عليها المريض ومرافقيه. ولا بد من الإشارة إلى أن إتاحة الفرصة للمريض عبر بطاقة التأمين الصحي والمدروسة بشكل صحيح للعلاج محلياً ودولياً تسهم إلى حد كبير في استقطاب المرضى. سيرة ومسار نال عبدالله بن سوقات دبلوماً متخصصاً في الرعاية الصحية والاجتماعية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة في العام 2004. تولى ابن سوقات منصب رئيس اتحاد الإمارات لرياضة الدراجات النارية، ورئيساً لنادي هيئة الصحة في دبي، وعضو إدارة في مجلس مؤسسة المرأة والطفل من العام 2007 حتى الآن. تدرج في العمل الوظيفي من ضابط علاقات عامة في هيئة الصحة في مستشفى راشد، ومن ثم عمل مساعداً شخصياً لمدير عام دائرة الصحة للشؤون المحلية لمستشفى الوصل. ومن ثم عين مديراً مالياً وإدارياًَ في مستشفى الوصل، ليصبح بعدها مديراً لإدارة الموارد البشرية في هيئة الصحة في دبي، ويعمل حالياً مديراً تنفيذياً لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية منذ العام 2007. نبذة أنشأت جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية في العام 1999 تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية، بهدف تكريم العلماء والباحثين من كافة أرجاء العالم ودعم البحث العلمي في كافة المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية التي تخدم المصلحة العليا للإنسانية.