الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

متحف المرأة .. بيت البنات

يوم الخميس الماضي بالتنسيق مع المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، ومتحف البنات في دبي كانت لنا زيارة، وكان لابد أن أزين حروفي بهذا المكان ألا وهو «متحف المرأة»، وأنا أمشي في هذه الأزقة الضيقة رجعت بذاكرتي إلى الزمن الجميل زمن الحميمية والألفة، وكما أخذتني الذاكرة إلى مقهى الفيشاوي في حي الحسين حيث هذا المتحف يتقدمه مقهى صغير، ومن ثم يبدأ المتحف أمام هذا المقهى. كانت تنتظرنا الدكتورة مريم لوتاه، حدثتنا عن فكرة المتحف التي كانت هاجس صاحبته الدكتورة رفيعة غباش، حيث أرادت أن ترفع مكانة المرأة الإماراتية فأعطت جل اهتمامها كي ينجز هذا المتحف على ما شاهدناه اليوم. شيء جميل نفتخر به كنساء إماراتيات. قبل أن تأخذنا في جولة في المتحف سردت لنا حكاية السؤال المحير على وجوه الموجودات (بيت البنات) والذي كان مكتوباً على جدار المتحف. أوضحت الدكتورة مريم لنا بأن هذا البيت كان ملكاً لبنتين، وكان معهما أخوهما الوحيد بو غانم، وتوفي أخوهم ولم تتزوج البنتان، فكبرتا في السن وفي ثقافة أهل الإمارات مهما تكبر المرأة في العمر ولم تتزوج تبقى بنتاً، لذا سمي البيت ببيت البنات، وعندما توفيت إحدى الأختين أرادت الأخرى أن تبيع البيت لتبني مسجداً بثمنه، وكانت فكرة المتحف تراود الدكتورة رفيعة فتقدمت لشراء البيت لتبني متحفاً للمرأة والاحتفاظ باسم البيت، كما كان أهل الحي يطلقون عليه. أول ما لفت نظري في المتحف لوحة كبيرة وبخط جميل كتب عليها هذه العبارات ومعنونة بذاكرة المكان: إن هذا المكان الذي تراه هنا وتمشي في أروقته اليوم يحمل بعضاً من ذاكرة أهلنا وأحبتنا، يحمل رائحتهم، عبق عطورهم وعرقهم، هذه الوجوه التي تطالعها هنا، الملامح التي يرى فيها بعضنا شيئاً من نفسه، أو تجعلنا نقف لتأملها سائلين عن حياتهم وكيف عاشوها؟ ومتى ضحكت ومتى بكت ومتى غادرت للبعيد. وهل هذه الأشياء تنهض مرة أخرى من الترب وتمتشق قاماتها، حاضرة في المكان وفي النفوس هل ستخبرنا عن نفسها، أو تسأل عما بقي منها فينا؟ هذه الذاكرة تمنح نفسها لمن يحاول بمحبة أن يعيد فيها رؤيته ويتعرف على أعماقها. تجولنا في المتحف بكل حواسنا لأنه شامل لكل إبداعات المرأة الإماراتية وفي جميع مجالات الحياة بدءاً بالحياة الاجتماعية مروراً بالحياة التعليمية والعملية والسياسية والفكرية. نعم كان يوماً جميلاً حيث قدمنا في بضع دقائق أنا والشاعرة كلثم عبداللـه والقاصة نجيبة الرفاعي شهادات في تجربتنا الإبداعية. فكل الشكر والتقدير للدكتورة رفيعة غباش وكل من ساهم وساعد في بناء هذا الصرح الاجتماعي الرائع الذي يستحق الزيارة، فهو يحتضن كل جميل في حياتنا ويذكرني بمقولة المغفور له بإذن الشيخ زايد: «ماضينا يعانق حاضرنا». [email protected]