الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نظام عالمي جديد بقيادة ترامب وبوتين

شهد العالم تغيرات جذرية في النصف الثاني من العام الجاري، زلزلت ثوابت استقرت منذ عقود، وظهر تراجع في تقبل فكرة العولمة، وصعود للتيارات القومية والشعبوية واليمينية تجلى في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفوز ترامب، وهزيمة التعديلات التشريعية في إيطاليا، وحصول مرشح يميني متطرف على 46 في المئة من الأصوات في انتخابات النمسا. وظهرت أصوات تقارن بين ما يحدث الآن، وما حدث قُبيل الحرب العالمية الثانية، وحذرت من صدع كبير في الديمقراطيات الأوروبية كتب ماثيو دانكونا مقالاً في صحيفة الغارديان مقالاً عن ملامح تشكل هذا النظام العالمي الجديد اليوم، عن الضغوط التي يواجهها النظام العالمي القائم، واحتمالات بزوغ نظام عالمي جديد، أبرز ملامحه هي التقارب بين الولايات المتحدة بقيادة ترامب، وروسيا بقيادة بوتين، مشيراً إلى أن التوتر الحالي الناجم عن اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية مجرد غطاء على اقتراب التحالف بين القوتين العظميين. أشار كاتب المقال إلى دور مفكر سياسي روسي هو ألكسندر دوجين، واصفاً كتاباته بأنها السبيل لفهم ما يحدث في العالم من تصاعد للشعبوية واليمين المتطرف. ولد دوجين عام 1962 في موسكو، وهو يعادي الليبرالية، والمؤسسات الديمقراطية، وينادي بأيديولوجية جديدة تستبدل الديمقراطية الليبرالية والماركسية والفاشية في كتابه «النظرية السياسية الرابعة»، عام 2009. أكد الكاتب على نفوذ دوجين الفكري والاستراتيجي في الكرملين وبين كبار قادة الجيش في روسيا، وأن لقبه هو «راسبوتين بوتين» لإظهار مدى تأثيره في الرئيس الروسي. يأتي غزو روسيا لجورجيا 2008، ولأوكرانيا 2014، وتدخلها الراهن في سوريا وفق استراتيجية دوجين من أجل بناء «روسيا الأم». من الملاحظ انتشار أفكار دوجين في الغرب، ويشاع أنه لعب دور حلقة الوصل بين روسيا وبين جماعات اليمين المتطرف في أوروبا بتمويل من الكرملين. وربما كان ما تشهده أوروبا والولايات المتحدة متوافقاً مع تصريح دوجين «نحن بحاجة إلى تحالف استراتيجي للتخلص من النظام العالمي الحالي الذي يُعد قوامه حقوق الإنسان، ومعاداة السلطوية». كان دوجين أول شخصية روسية بارزة تتوقع تحالف بويتن مع ترامب، وتوحيد قوى الدولتين لتكوين جبهة على «الفساد والانحراف»، وتُحكم السيطرة على العالم. وفي مارس 2016، أعلن أن ترامب هو الممثل الحقيقي لليمين السياسي في الولايات المتحدة، وأضاف «نحن نثق في ترامب». على الجانب الآخر، صرّح ستيف بانون، الذي اختاره ترامب مستشاراً استراتيجياً، أنه معجب بكتاب دوجين «أسس الجغرافيا السياسية» (1997). أضاف بانون «على الغرب المسيحي اليهودي أن يستمع إلى بوتين عندما يتعلق الأمر بالنزعة التقليدية، خصوصاً عند حديثه عن القومية». انتشرت أفكار دوجين بين القوميين الأمريكيين كذلك، وتربطه صداقة بريتشارد سبنسر القومي المتطرف الذي استخدم عبارة نازية للترحيب بفوز ترامب. يؤكد كاتب المقال الدور غير المباشر الذي تلعبه أفكار دوجين في خلق تقارب قد يصل إلى التحالف بين ترامب وبوتين، ويشير إلى عالم جديد يتغير فيه شكل الصراع التقليدي بين اليمين واليسار والشرق والغرب. سوف يكون الصراع الجديد بين فريق يدعم التقليدية والشعبوية والقومية وحكم الفرد الواحد، وفريق يدعم العولمة والتعددية والليبرالية. هذا هو النظام العالمي الجديد الذي يتوقعه دوجين، وستكون فيه قيادة الفريق الأول مشتركة بين ترامب وبوتين. ويختتم الكاتب مقاله بأن هذا التصور، على الرغم من غرابته، يفسر ما يحدث اليوم، وعلى من يهمه الأمر الانتباه لمواجهة ما قد يحدث في الغد.