السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

كان هناك شجرة

في طفولة كل إنسان شجرة، ظللت بيته القديم، حفر اسمه على جذعها، تسلق أغصانها، قطف أوراقها، أهداها أحلامه الأولى، تبارك بحفيفها، تعلّم القوة من ثباتها. وللكاتب المصري إبراهيم شكرالله في إحدى قصصه «شجرة ليمون مباركة»، انتصبت في ساحة الدار، سحرت طفولة البطل الصغير وأغنتها بالكثير من الحكايات، خبأت بين أغصانها أسرار الصغير وأمنياته، تسلقها ولعب في ظلها، كانت أمه تستمد سعادتها من عبيرها المنعش، وكان والده يمضي الأمسيات تحت جذعها العتيد. وعندما تنضج حبات الليمون المكتنزة بالعصير، كان يجمع ثمارها وإخوته ويمضون بها إلى الجيران والأحباب يوزعونها، لتفيض عليهم في اليوم التالي بثمار أغنى وأطيب. إلى أن ضاق الحال ذات يوم وتغيرت الأحوال، وقرر الوالد أن يتوسع في الدار فقطع الشجرة. يصف البطل شعوره لحظة السقوط تلك، وكأنما حياته انشطرت شطرين، ما قبل الشجرة وما بعدها. إذ يستشري الفساد في الأرض، وينحسر الخير، ويتفرق الأحباب، وتحتقن القلوب، وتضيق النفوس، ويغيب تاريخ الصفاء من عالم الواقع ليظل ذكرى يستظل بفيئها كلما اعتصر الحنين فؤاده. يندم والده ندماً لا فائدة وراءه، فالشجرة ماتت، ولن تغني أي شجرة جديدة عنها. فأي سحر كانت شجرة الليمون تحمل في قلبها وثمرها؟ أقولها وأتذكر شجرة كينا انتصبت في دارنا قديماً واختفت ذات صباح. [email protected]