الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

مديرة مركز التنمية الاجتماعية فاطمة بطي الفلاسي لـ الرؤية: قاعدة بيانات للأسر المنتجة ومبادرات لترسيخ ثقافة التطوع

تبدو بصمة إسهاماتها جلية في وضع برامج متميزة ترتقي بالمجتمع الإماراتي، إذ تُسخّر جهودها في تعزيز سجل المبادرات الرامية إلى دعم دور المرأة والطفل في دفع نسق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتوظف طاقتها لتجسيم استراتيجيات الدولة الداعمة للأسر الإماراتية المنتجة وترسيخ ثقافة التطوع .. إنها مديرة مركز التنمية الاجتماعية فاطمة بطي الفلاسي. التقتها «الرؤية» فأفادتها بأن المركز ينظم 12 معرضاً للأسر المنتجة داخل المؤسسات التجارية والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات والمدارس، مبرزة أن المعارض تستهدف إتاحة الفرص لهذه الأسر حتى تروج منتجاتها وتحصد عائدات مالية محترمة. وأكدت الفلاسي أن المركز يهتم بالبرامج التوعوية وتطوير أساليب التواصل عبر قاعدة بيانات وتوظيف الوسائل الإلكترونية ووسائل الإعلام لدعم مشروع الأسر المنتجة ودعم ثقافة التطوع، لافتة إلى أنها تزاول مهناً متنوعة مثل الخياطة والحلويات وصناعة البخور والعطور والتوابل. وأبانت الفلاسي أن المركز ينظم مبادرة التاجر الصغير حتى يشارك الأطفال في دفع التنمية، ذاكرة أن المجتمع الإماراتي اكتسب بفضل المبادرات المذكورة ثقافة اقتصادية وتنموية متميزة أسهمت في تعزيزها ودعم مضامينها وسائل التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة. وأشارت إلى تنظيم محاضرات تبين حقوق المرأة المكفولة والمضمونة في القانون المدني والشرع الإسلامي، سواء أثناء الزواج أو إثر الطلاق، موضحة أن المركز يسعى إلى تنمية وعي المرأة وتوسيع ومعارفها حتى لا تتعرض للتهميش. ولفتت الفلاسي إلى أن مركز التنمية الاجتماعية يتبنى مبادرات مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حول دعم مشاريع الشباب والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدة الاستعانة بأهل الخبرة ضماناً لنجاح المشروع، عبر مدّ صاحبه بمقترحات عملية تساعده على التسيير، مثل المعطيات المتعلقة بالإنتاج والتغليف والتسويق وتحديد الأسعار، وغيرها. وتالياً نص الحوار: ÷ ما أهم الخطط التنموية التي يشرف عليها المركز؟ - شرعنا منذ أربعة أعوام في تنفيذ برنامج تطوع يستهدف نشر هذه الثقافة داخل المجتمع، وهو أحد خطط واستراتيجيات وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الجمعيات ذات النفع العام. وشكلنا فريق أطفال متطوعين يبلغ عددهم 100 طفل، يشارك سنوياً في مناشط عدة مدة شهر ونصف أثناء فترة الصيف. ونعلم هؤلاء الأطفال مفهوم التطوع حتى يشاركوا في أنشطة ميدانية متنوعة، مثل زيارة المرضى ومدّ العمال بالماء، والإسهام في تنظيم تظاهرات ثقافية واجتماعية، مع تصوير بعض البرامج التوثيقية التراثية لصالح قنوات تلفزيونية، فيتطوع الأطفال بلبس ملابس تقليدية وأداء أناشيد وطنية. ومفهوم التطوع واسع يشمل كل ما يمكنه أن يخدم المجتمع، ما يجعل المبادرة تهدف إلى تعليم الأطفال مبادئ إيجابية وقيماً أخلاقية تجعل من الفرد متلاحماً مع أسرته وسائر المجتمع مستقبلاً، لينشغل الطفل أو الشاب بأنشطة مفيدة تبعده عن الانحراف. ويحتل التطوع المرتبة الأولى في استراتيجية وزارة الشؤون الاجتماعية، ونجح المركز في تجسيمها باتباع منهج الاستمرارية، إذ حافظنا على الفريق نفسه المشكل منذ أربع سنوات، ما أدى إلى ارتفاع عدد الأطفال المشاركين معنا في الأنشطة التطوعية، ومثّل مشروع تطوع الأطفال بصمة متميزة تمكن المركز من ترسيخها، فنسجت جهات عدة على منواله. ÷ كيف أسهم المركز في نجاح برنامج الأسر المنتجة؟ - «الأسر المنتجة» هو البرنامج الثاني من ناحية الأهمية في المركز، ولدينا قاعدة بيانات مسجلة لأسر تزاول مهناً متنوعة، مثل الخياطة والحلويات وصناعة البخور والعطور والتوابل. ومنذ أربعة أعوام أصبح المركز ينظم لهذه الأسر 12 معرضاً أثناء العام بمعدل معرض في الشهر، داخل المؤسسات التجارية والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات والمدارس، وتصل مدة العرض إلى ثلاثة أيام، وتتجاوزها في أيام الأعياد الوطنية. ونسهم في تقديم ورشات تقليدية ثراثية حول خصوصية الجلسات والملابس التقليدية وكل ما يتعلق بالتراث. ÷ ما الجهات المعنية بتقديم قاعدة بيانات يعتمدها المركز؟ - ينسق المركز مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتنفيذ مبادراتها استناداً إلى دراسات وأبحاث أجريت مسبقاً من قبل إدارة التنمية الأسرية، مثل مبادرة سند التي تهتم بإشراك الآباء في تربية الأبناء ورعايتهم معنوياً، عبر تنظيم ورشات مرتبطة بحقوق وسلوكيات الطفل. ÷ هل تواجهكم صعوبات تعوق المركز في تحقيق أهدافه؟ - تتلخص المشاكل الأساسية في ارتفاع معدلات الطلاق، وانتشار ظاهرة التحرش الجنسي لدى الأطفال، مع انتشار ظاهرة التشبه بالجنس الثالث والرابع، أو ما يعرف بتشبه الإناث بالذكور والذكور بالإناث. وتتمثل باقي الصعوبات في انتشار اللغات الأجنبية وتهميش اللغة العربية، خاصة عند فئة الأطفال، إذ تقل نسبة التخاطب عندهم باللغة العربية عن الـ 50 في المئة، ما يشكل ظاهرة ثقافية تؤثر سلباً في المجتمع. ويتماشى اهتمامنا في المركز مع استراتيجية الدولة في إدراج اللغة العربية كلغة رسمية ضمن مؤسسات الدولة كافة وفي الخطابات الرسمية، وخصصنا لها مبادرة موجهة للأطفال تمثلت في تعليمهم كيفية كتابة الحروف، وركزنا كذلك على مجموعة مفردات ومصطلحات، للتنبيه على أن «العربية» المكتوبة هي اللغة الرسمية. وأطلق الوزارة مبادرة مودة والتي تستهدف تعريف الشباب المقبلين على الزواج على سبل التقليل من تكاليفه، فضلاً عن كيفية الاهتمام بالزوج أو الزوجة، والاهتمام بالمنزل، وبالتالي ترسيخ الصورة المثلى لرابط الزواج كعلاقة مقدسة بعيداً عن الشكليات والمظاهر. وننظم في شهر رمضان كذلك، جلسات شعبية رمضانية تختص بتثقيف أبنائنا منذ المراحل الابتدائية بقيمة الروابط الأسرية، لأن المجتمع الإماراتي أصبح يعاني وبقوة ظاهرة العنوسة والاشتراطات المالية للزواج، وعلى الأسر المواطنة أن ترعى أبناءها، وتنمي وعيهم على هذا الصعيد حماية لهم في المستقبل. وقدّم المحامي المستشار أحمد عيسى بالتعاون مع المركز ورشات للسيدات تبين حقوق المرأة المكفولة والمضمونة في القانون المدني والشرع الإسلامي، سواء أثناء الزواج أو إثر الطلاق، حتى ينمي وعيها ومعارفها، ولا تتعرض للتهميش. وأكيد أن تثقيف المرأة قانونياً لا يجب أن يؤثر في حياتها الزوجية، واتسامها بالصبر والتسامح ومساعدة زوجها في السراء والضراء، وهي سند تربوي لأبنائها. ÷ هل يلقى المركز استجابة كافية من قبل الأسر؟ - الأسر نوعان، نوع نبذل مجهوداً لإقناعه ببرامج المركز، ونحاول البحث عنه والتواصل معه، ونوع آخر يُقبل على المركز إرادياً وتلقائياً، ولا شك في أن التباين موجود دائماً ومستمر، ونحن كمركز لا يمكن أن نلغي أي فئة بقدر ما نحاول تعزيز دورنا حتى تكون الأسر قدوة لبعضها. ونركز على البرامج التوعوية وتطوير أساليب التواصل عبر قاعدة بيانات وتوظيف الوسائل الإلكترونية واستخدام الهاتف والمنشورات، والإعلان عن مناشط المركز في وسائل الإعلام. وننشر تقارير عن أنشطتنا في الصحف حتى تطلع عليها أسر لم تتمكن من المشاركة في تظاهرات المركز، لنضمن حضورها مستقبلاً. ÷ ما أسباب تغييب استراتيجيات المركز وسياساته التنموية لدور الرجل؟ - صحيح أن المركز لا يحتوي على قسم خاص بالرجال، لكنه يرسي تنمية مجتمعية شاملة ومتكاملة، وبقدر ما نركز على المرأة والطفل لا نغفل على دور الأب داخل أسرته، وأحسن دليل على اهتمام استراتيجيات التخطيط في المركز بالرجل هو مبادرة سند المطلقة أخيراً، والتي تستهدف توعية الآباء بمشاركة أبنائهم اللعب والأكل والشرب والصلاة حتى يفهم الوالد صغيره، ويتعرف إلى انشغالاته وميوله، وينتهج معه الحوار تفادياً للإشكالات الناجمة عن نقص التواصل والإهمال. ÷ ما أهم إنجازات مركز التنمية الاجتماعية في النصف الأول من العام الجاري؟ ركزنا في هذا النصف الأول على الجوانب الحقوقية والسلوكية للطفل، والعمل التطوعي، وكنت أنا أولى المتطوعات، إذ قدّمت محاضرات بالتعاون مع شرطة دبي موجهة لتلاميذ الصف المتوسط. ويحتفل المركز سنوياً باليوم العاملي للتطوع بتاريخ الخامس من ديسمبر عبر تنظيم ورش ومحاضرات تستهدف تعزيز مفهوم التطوع وتشجيع الإقبال عليه. ونظمنا كذلك ستة معارض منذ بداية السنة مخصصة للأسر المنتجة، تضم كل مرة 15 أسرة. ويقدم المعرض فائدة مادية للأسر، إذ يتيح لها بيع منتجاتها، حتى يسهم في استقرارها ويجعلها قادرة على مجابهة الصعوبات المعيشية، فدخل المرأة البسيط يضمن لها نوعاً من الاستقلالية ويمنحها الفرصة للتواصل مع أشخاص آخرين، ولا سيما التعرف إلى نساء يقاسمنها الظروف نفسها، ويشاطرنها الكفاح. ويحفز المعرض النساء الزائرات على الدخول في حوارات وتساؤلات عن سبل إحداث مشروع صغير، ووسائل البيع الناجعة، ويساعد تبادل الآراء والاحتكاك المثمر بين النسوة على زيادة عدد الأسر المنتجة. وبفضل مشروع الأسر المنتجة توصلت المرأة الإماراتية إلى مزاولة نشاطها من بيتها وبرأس مال صغير، لأنها لن تحتاج إلى محل أو ديكور، ولن تدفع ضرائب، فهي تجارة غير مكلفة، وأخطارها قليلة باعتبارها لم تستند إلى رأس مال كبير. والجانب الإيجابي الثاني أن السيدة غير ملزمة بمغادرة سكنها إلا إذا توجهت لشراء المواد المستعملة والضرورية للمشروع أو المشاركة في معارض لا تتجاوز مدة تنظيمها الثلاثة أيام. ومن هذا المنطلق، أصبح مشروع الأسرة المنتجة الحل الوحيد للنساء اللواتي لا يسمح لهن أزواجهن بالخروج من البيت، حقق المشروع نقلة نوعية في ما يتعلق بدور المرأة على مستوى الإمارات ليعزّز إسهامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير. ولا يجب إغفال النتائج الإيجابية لهذه المشاريع الصغيرة، إذ تطور بعضها وأصبح محال كبيرة، وبرؤوس أموال تتجاوز الملايين. ÷ كم عدد الأسر المنتجة في الإمارات؟ لا نستطيع إحصاء عدد الأسر المنتجة في الامارات، لأنها دخلت البيوت كافة، واكتسحت سائر المجالات، وانتشر الوعي بضرورة مشاركة الجميع في اقتصادات الأسرة، دون أن ننسى الأطفال المشاركين في دفع النسق الإنتاجي عبر مبادرة التاجر الصغير، واكتسب المجتمع الإماراتي بفضل المبادرات المذكورة ثقافة اقتصادية وتنموية متميزة أسهمت في تعزيزها ودعم مضامينها وسائل التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة المتوافرة في الدولة. ÷ هل تستعينون بمستشارين اقتصاديين لدعم أفكار الأسر المنتجة قبل انطلاقها في مزاولة المشروع؟ - لدينا مبادرات في مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حول دعم مشاريع الشباب والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونستند في ذلك إلى استشارة أهل الخبرة حتى نضمن النجاح لباعث المشروع، إذ نمده بمقترحات عملية تساعده على التسيير، مثل المعطيات المتعلقة بالإنتاج والتغليف والتسويق وتحديد الأسعار، وغيرها. وأطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية مبادرة مكملة اسمها تجوري، تستهدف توعية المستثمرين الصغار بقيمة الادخار، إذ يتوجب التفكير في تأمين المستقبل إثر نجاح المشروع، فالإنسان عندما يصل إلى مراحل عمرية متقدمة يقل إنتاجه، ويصبح في حاجة ماسّة إلى الراحة والمال معاً، لذا عليه أن يوفر جزءاً من الدخل تحسّباً لغدر الزمن. وسنشرف على مبادرة خصصناها للأطفال نوزع أثناءها حصالات نقود لهم حتى يتعودوا منذ الصغر على تجميع جزء من المال من المصروف اليومي المدرسي، وبذلك نغرس حسن التصرف والتدبير في روح الطفل، وهي ثقافة نأمل في أن تصبح جزءاً من عاداته، فالادخار من ركائز تكوين الأسرة الناجحة، سواء عند الرجل أو المرأة، لأنه يسهم بقوة في حل أزمات تعوق الأسر من فترة إلى أخرى. ولدى المركز مباردة اسمها «هب الريح»، وهي موجهة للمتقاعد الذي عاش حياة العمل والنشاط والادخار والتخطيط، كي نستفيد من خبراته، ونخلصه من الإحساس بأنه أضحى إنساناً غير منتج وغير نشيط في المجتمع، ونرد الاعتبار لخبراته المتراكمة وحصيلة معارفه المفيدة التي حصدها إثر سنوات من العطاء. ÷ ما خططكم المستقبلية لتحسين التنمية المجتمعية؟ - خططنا مرتبطة بخطط وزارة الشؤون الاجتماعية الساعية إلى بناء مجتمع متلاحم ومتماسك، مواكب للمتغيرات الإيجابية، ومشارك رائد في التنمية. وتتمثل رسالتنا في الانتقال من منهجية الرعاية إلى التنمية عبر تعزيز الشعور بالمسؤولية المجتمعية لدى الفئات والشرائح كافة. سيرة ومسار مديرة مركز التنمية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية فاطمة بطي الفلاسي حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال وبكالوريوس في الآداب ودبلوم إدارة الأعمال وإدارة الجودة. شغلت مناصب حكومية عدة، وتألقت في أداء المهمات الموكلة إليها لتعانق التميز، إذ عملت مديرة إدارة الأسرة والطفل، ورئيسة قسم الإغاثة الاجتماعي في إدارة الضمان الاجتماعي في العام 2005. وعملت الفلاسي باحثة في مكتب الشؤون الاجتماعية في الطوار من 2002 إلى 2004، وإدارية في المكتب الفني بين 1999 و2002. واشتغلت باحثة إدارية في وحدة التنمية من 1992 إلى 1999، ومديرة مبادرة أنا متطوع بين 2008 و2010. حصلت على شهادات شكر ودروع عدة من المدارس والمؤسسات المحلية في دبي والوزارات الاتحادية، وأهمها درع شرطة دبي في العام 2010، ورسالة شكر من الأمانة العامة لمجلس شؤون الوزراء في العام 2009، مع شهادة شكر من مهرجان دبي السينمائي في العام 2011. نبذة أُحدث مركز التنمية الاجتماعية في العام 1978 بالاتفاق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأنشأت وزارة الشؤون الاجتماعية مراكز التنمية الاجتماعية على مستوى الدولة بناء على قرار مجلس الوزراء رقم 6 لعام 2008 والمتعلق بالهيكل التنظيمي للوزارة، وتعرضت المادة 28 منه لتأسيس المراكز المذكورة. ويعتبر المركز وحدة الأداء الأساسية للتنمية الاجتماعية ورعاية الأسرة والطفولة وتمكين المرأة من الإسهام في التنمية الاجتماعية بتنمية دورها الإنتاجي وفق القيم الوطنية والمبادئ الاسلامية.