الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

وحيد في المنزل

حالة من العزوبية المؤقتة والمفاجئة يشعر بها رب كل أسرة يسافر أولاده وزوجته إلى بلده الأصلي في الإجازة الصيفية على أن يلحق بهم بعد فترة كي يعودوا جميعاً لمواصلة العمل في الغربة، إذ يكون هدفه الأساسي أن يمضي الأطفال أطول فترة ممكنة مع أهلهم وأن يعتادوا على الحياة في وطنهم الذي تركوه بسبب عمله. في البداية يشعر الأب بهدوء المنزل وعدم وجود ضجيج الأولاد، يُدير الموسيقى على أعلى صوت، يقرأ الكتب التي لم يتمكن من قراءتها طوال العام على مهل وبحرية تامة، يعود لممارسة هواياته التي توقف عنها كالرسم وكتابة الشعر، يمارس الرياضة من أجل إنقاص وزنه الزائد، يلتقي بأصدقائه في أي وقت وأي زمان من دون السؤال المعتاد على فين يا أستاذ؟ يطهو ما يحلو له ويأكل من المطاعم المختلفة .. الخلاصة أن الإنسان يشعر بأنه استعاد حياة الحرية والعزوبية وأنه أصبح طليقاً بعد أن قيدته الحياة الزوجية. بعد مرور أيام عدة يشعر الأب أن المنزل أصبح كئيباً ومملاً وأن ضجيج الأطفال أفضل من الهدوء المميت، يبدأ في الحنين لأسرته مرة أخرى، يضطر أن يقضي وقته كله في العمل حتى لا يعود إلى المنزل، يجري مفاوضات مع رؤسائه من أجل تبكير السفر وهي محاولات تبوء بالفشل غالباً نظراً لوجود جداول مسبقة لإجازات الجميع. نعم قد يشتاق كل منا لأيام الحرية، ولكنه يكتشف في النهاية أنه أصبح معتاداً على المسؤولية اللذيذة، كما يكتشف أن هدفه في الحياة تحول من الاهتمام بنفسه إلى العناية بأسرته وبذل الجهد من أجل إسعادها. البعض الآخر يرى أن هذه الفترة مفيدة للغاية لأنها بمثابة الإجازة الزوجية التي تجدد المشاعر وتنعشها بعد فترة من الركود بسبب روتين الحياة القاسية في الغربة، كما أنها مفيدة لمعرفة منزلة الأطفال وكيف أن التضحية من أجلهم ضرورية، أيضاً هذه الفترة تعطيهم فرصة للاحتكاك بالأهل والاعتماد على أنفسهم من دون وجود الأب. ملحوظة: ما زلت أحصي الأيام التي تمر ببطء شديد من أجل السفر إلى أسرتي فقد اكتشفت أن مسؤوليات الحياة الزوجية أفضل بكثير من حرية العزوبية.