السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

جيش مصر والقول الفصل

أخيراً أفل نجم الإخوان المسلمين في مصر، وتم إسدال الستار على حقبة مريرة من حكمهم، وحسم جيش مصر كعادته في المواقف الصعبة الأمر، وأزاح مرسي وجماعته بعد أن جثموا على صدور المصريين عاماً كاملاً رجعت فيه مصر إلى الوراء مئات السنين. لقد جاء بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع المصري واضحاً ومحدداً، وقطع الطريق على المشككين في إخلاص الجيش وانحيازه إلى مصلحة الوطن. بيان الفريق السيسي جاء مكملاً لبيان سابق حدد مهلة 48 ساعة للإخوان لإنهاء احتقان الشارع، حيث تلاحقت الأحداث بسرعة بعد هذا البيان الذي انحاز إلى شرعية الشارع المصري إثر خروج الملايين في مدن مصر وقراها تطالب برحيل مرسي وإنهاء حكم الإخوان بعد عام دمّرت خلاله مصر اقتصادياً، وانحسرت سياسياً، وتشرذمت اجتماعياً. حاول مرسي في خطابه الأخير ومعه أنصاره من الإخوان رغم هذا الطوفان الجارف الرافض لسياستهم المكابرة والتهديد بنزول مناصريهم إلى الشوارع إشعال «حرب أهلية»، لأن همهم سيظل الكرسي والسلطة لا الوطن ومصالحه، ومن الواضح أن الساعات الأخيرة كانت حبلى بالأحداث، حيث بدا مرسي منعزلاً بعد أن رفضت المعارضة الليبرالية الحوار معه، وبعد أن أمهلته القوات المسلحة مهلة للاستجابة لمطالب الشعب الرافض لحكمه ولسياسة جماعته. وإذا كانت شخصيات بارزة من جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي وصفت مهلة الجيش بأنها «انقلاب» فإن الجماهير المصرية استقبلت البيان بترحيب كبير وخرجت تحتفل في ميادين مصر بهذه الخطوة لتذكر الجميع بثورة الـ 25 من يناير. وعبثاً حاولت الرئاسة المصرية ثني الجيش عن قراره، حيث قالت إن بيانه احتوى على «عبارات تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب في إشارة إلى ما يمكن تلجأ إليه عبر مناصريها في الشوارع». وعلى الفور جاء رد القوات المسلحة التي أبدت استعدادها للانتشار في شوارع القاهرة ومدن أخرى إذا لزم الأمر للحيلولة دون وقوع اشتباكات بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه. وفي إطار الأحداث التي مضت خلال الساعات الأخيرة بوتيرة سريعة في مصر ولا تحمل الخير للإخوان المسلمين جاء الحكم التاريخي لمحكمة النقض المصرية التي أصدرت حكماً ببطلان تعيين مرسي للمستشار طلعت إبراهيم عبداللـه نائباً عاماً، وبعودة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه. وفوق هذا وذاك جاءت ردود الفعل الأمريكية والأوروبية والدولية المؤيدة لرؤية الشارع المصري ورغبته في التغيير، إذ قال البيت الأبيض إن الرئيس أوباما اتصل بالرئيس المصري وحثه على الاستجابة لمطالب المتظاهرين، وإن الأزمة السياسية لا يمكن أن تحسم إلا من خلال الحوار، داعياً مرسي إلى «أن يرعى عملية سياسية تشرك جميع الأطياف، لأن الديمقراطية أكثر من مجرد انتخابات، فهي ضمان سماع أصوات كل المصريين، ومنهم الذين يتظاهرون في شتى أنحاء البلاد». وقد سبق للقوات المسلحة أن حذرت على لسان اللواء عادل المرسي مساعد رئيس أركان القوات المسلحة الذي أعلن صراحة أنه إذا لم يحدث اتفاق بين الزعماء السياسيين بشأن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فالبديل يمكن أن يتضمن العودة إلى الشرعية الثورية، مشيراً إلى أن مطالب الشعب واضحة، وهي انتخابات رئاسية مبكرة، وإذا لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب فستكون هناك سيناريوهات مختلفة، على رأسها عودة الشرعية الثورية وحل مجلس الشورى وتشكيل مجلس رئاسي وإصدار إعلانات دستورية وإلغاء الدستور الحالي، وهذا ما حدث فعلاً عبر بيان الفريق السيسي. خلاصة القول، جيش مصر قال كلمته «نحن مع الشعب وإلى الشعب، هذا أول الكلام وآخره وانتهى الأمر»، فسنة من حكم الإخوان تكفي بعد أن فاض الكيل وانكشف الزيف وأسدل الستار، فبيان الجيش المصري كان بالفعل فصل الختام لنظام الإخوان في مصر، وربما في كل دنيا العرب، لأن الجيش المصري يقوم بدوره الوطني والقومي حفاظاً على مصر وعلى شعبها الذي هو جزء منه، فهو الحارس والمؤتمن الذي يذود عن حياض الوطن إذا ادلهم الخطب في الداخل وعلى الحدود. [email protected]