الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

من اليمين إلى الشمال

هناك طرفة تقول إن أحد المسؤولين عن الترويج بشركة كوكاكولا عاد محبطاً بعد زيارته لإحدى الدول العربية بغرض الترويج للمنتج، وهنا سأله صديقه: لماذا لم تنجح في الترويج للكوكاكولا معهم؟ فقال: عندما هممت بوضع المنشورات الإعلانية كنت واثقاً من نجاحي في التسويق، لكن كانت تواجهني مشكلة، وهي أنني لا أعرف كيف أتحدث العربية. ولذا فقد فكرت بأن أضع الملصقات الإعلانية على هيئة صور. الأولى: صورة لرجل مستلق في الصحراء وتبدو عليه آثار التعب الشديد وفقدان الوعي. الثانية: الرجل وهو يشرب الكوكاكولا. الثالثة: صورة لهذا الرجل وهو ينهض ويجري في نشاط. وهنا هتف صديقه: جيد، إذاً، لا بد أنها حققت المطلوب؟ فصرخ المسؤول في غضب: لكن أحداً لم يخبرني أنهم يقرأون من اليمين إلى الشمال! نحن في الواقع نكتب ونقرأ من اليمين إلى الشمال، وكذا طريقة تفكيرنا، فنحن نفكر أيضاً من اليمين إلى الشمال، ولذا فلا غرابة أن هذا الأسلوب الإعلاني لم يلقَ رواجاً، بل أحدث العكس. فنحن أيضاً نتفرج على الصور ونرسمها كذلك من اليمين إلى الشمال، تماماً كما نقرأ. والغرب يتتبعون الصور من الشمال إلى اليمين مثلما هم يكتبون ويقرأون. في واحدة من ملاحظاتي على بعض القصص المصورة الخاصة بالأطفال والتي تكون معربة عن لغات أجنبية هي أن تلك الكتب حتى بعد تعريب التعليقات التي تتخلل الصور تبقى محتفظة باتجاه الصور من الشمال إلى اليمين، ولا تكلف نفسها بتغيير ذلك الاتجاه، وهذا سيتسبب بتشتت ذهن الطفل العربي الذي سيقرأ ويتتبع الصور من اليمين للشمال، فكيف سيفهم أن القصة تبدأ من الشمال؟ أذكر أن عمنا الرسام محيي الدين اللباد كان يقول: إن الرسم الموفق بالنسبة إلينا كعرب هو ذلك الرسم الذي يكون مدخل الفرجة عليه في يمينه، والذي يجعل عين المتفرج تتحرك فيه من اليمين إلى الشمال، وهو الرسم الذي تنطلق فيه الأشكال من اليمين إلى الشمال إذا كانت ذاهبة، وبالعكس إذا كانت راجعة، ولم أفكر بعد في الطريقة التي نحلم فيها نحن العرب في نومنا، لكن لا بد أننا نحلم من اليمين إلى الشمال أيضاً. [email protected]