الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إثر تدشين خط أنابيب جديد.. زيادة صادرات النفط تعزز مساعي أربيل للاستقلال

يعزز خط أنابيب جديد لتصدير النفط موقف إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق نظراً لما يدره من إيرادات تزيد على نصيب الإقليم من إجمالي إيرادات العراق النفطية الذي يتلقاه من بغداد. وقد يشكل ذلك نقطة تحول تقوي مركزه في سعيه المستمر منذ فترة طويلة نحو الاستقلال. وأثار إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991 غضب حكومة بغداد المركزية مراراً بل هدد بالانفصال عنها، لكنه رغم ذلك يدين بالفضل لبغداد لحصوله على نصيب من ميزانية العراق عضو منظمة أوبك البالغة 100 مليار دولار. وقد يتغير ذلك الوضع قريباً. فحقق الأكراد بالفعل إيرادات تقارب مليار دولار من نفط الإقليم الذي جرى نقله بالشاحنات عبر تركيا إلى الأسواق العالمية، وحالما يبدأ تشغيل خط الأنابيب الجديد في نهاية العام تحصل كردستان على ما يقرب من هذا المبلغ شهرياً. ويعد خط الأنابيب دلالة على التفكير الاستقلالي المتنامي للإقليم وقد يحقق له الاكتفاء الذاتي رغم أن ذلك في حد ذاته لن يكون كافياً لتحقيق الاستقلال الذي يحلم به الأكراد. وأفاد مصدر نفطي في كردستان طلب عدم الكشف عن هويته بأن «النفط سيكون محفزاً للاستقلال وليس سبباً له». «وسيأتي الاستقلال نتيجة الاستفزاز والأوضاع في المنطقة وفي التوقيت المناسب». ورأى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة كردستان فلاح مصطفى أنه بالرغم من أن خط الأنابيب يقوي الموقف الكردي فإن أحلام الاستقلال يجب أن تكون مضبوطة بالتفكير الواقعي. وذكر أمس الأول أنه «لا يمكن أن نحرم من الاستقلال الاقتصادي والسياسي. لا نريد أن يكون الإقليم تحت رحمة بغداد حين تهدد كل يوم بخفض ميزانيتنا». وأضاف «نستحق دولة مستقلة لكن ليس من السهل المضي في ذلك الطريق قبل أن نصبح مستعدين وتصبح دول المنطقة كلها ديمقراطية. نحن واقعيون». وتخشى واشنطن وبغداد من أن يرسي خط الأنابيب سابقة قد تؤدي فيما بعد إلى تقسيم العراق. ففوضت محافظة نينوى - وهي تحت سلطةالحكومة المركزية - في الآونة الأخيرة محافظها في توقيع العقود مع الشركات النفطية متتبعة خطى كردستان. وتؤكد حكومة إقليم كردستان التزامها بكونها جزءاً من دولة اتحادية ديمقراطية في العراق وتقول إن لا مركزية السلطة هي السبيل الوحيد لمنع تفكك البلاد. واعتبر وزير الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان آشتي هورامي خلال زيارة لبريطانيا هذا الشهر إن اقتسام جميع الإيرادات النفطية وفقاً للدستور الاتحادي واستقلال كردستان اقتصادياً هما السبيل لوحدة العراق. غير أنه لا توجد بعد آلية للحصول على مدفوعات مبيعات النفط عبر خط الأنابيب الجديد. ويرى الأكراد أنهم سيأخذون مستحقاتهم ويرسلون البقية إلى بغداد وهو عكس العملية الحالية التي تقوم في إطارها الحكومة المركزية بتوزيع الإيرادات. ويهدف الأكراد مبدئياً لضخ 150 ألف برميل يومياً من النفط الخام عبر خط الأنابيب الجديد الذي يمتد 281 كيلومتراً (174 ميلاً) في أراضي كردستان من حقل طق طق النفطي إلى منطقة تتلاقى فيها حدود العراق وسوريا وتركيا. ومع قيام الشركات بزيادة الإنتاج وتطور البنية التحتية فإن من المنتظر أن ترتفع الصادرات إلى المستوى المستهدف عند مليون برميل يومياً بحلول عام 2015 ثم إلى مليوني برميل يومياً بحلول 2019. وتسببت سياسات كردستان الحازمة في مجال الطاقة في إغضاب بغداد التي هددت بقطع العلاقات مع تركيا وحرمان الإقليم من حصته البالغة 17 في المئة من الميزانية إذا مضت الصادرات قدماً عبر خط الأنابيب الجديد دون موافقتها. وتشتكي حكومة كردستان من أنها لا تتلقى سوى نحو 11 في المئة من الميزانية على أي حال. ومن المنتظر أن تبلغ ميزانية العراق لعام 2014 نحو 150 مليار دولار وستزيد مع نمو صادرات النفط وهو ما قد يغير حساب حصة الأكراد الذين سيتلقون عندئذ المزيد من بغداد. وأكد رئيس شركة كاردوتشي للاستشارات ومقرها لندن شوان زولال «يتمثل أحد حسابات الأكراد في أنهم إذا بدأوا بيع النفط فإنهم سيحتاجون إلى تحقيق إيرادات كافية للوفاء بالتزاماتهم في حال ذهاب بغداد إلى أبعد مدى في تهديداتها وحرمانهم من نصيبهم في الميزانية». وهذا يعني إنتاج ما بين 400 و500 ألف برميل يومياً من النفط بناء على حسابات تتضمن تقديرات لأسعار الخام والتكلفة والمشاركة في الأرباح. وتشير معظم التقديرات إلى أن طاقة الإنتاج الحالية للإقليم تزيد على350 ألف برميل يومياً من النفط الخام يتم تكرير 140 ألف برميل يوميا منها لتستهلك محلياً. ويأتي معظم إنتاج كردستان من ثلاثة حقول تديرها دي. إن. أو النرويجية وجينل البريطانية التركية وكار غروب وهي ذات ملكية خاصة ومقرها أربيل عاصمة الإقليم. واستأنفت غلف كيستون الإنتاج الأسبوع الماضي بعدما فازت بحكم قضائي يتعلق بملكية أصولها النفطية في كردستان وستضيف 20 ألف برميل يومياً بجانب إسهامات صغيرة من أفرين وإم. أو. إل المجرية وأو. إم. في النمساوية. وستبدأ شركات أخرى الإنتاج في كردستان في غضون 14 شهراً، بينما لا تزال إكسون موبيل وشيفرون كورب وتوتال في مرحلة التنقيب. ولفت مسؤول كبير في شركة نفط غربية طلب عدم الكشف عن هويته إلى أنه «ليس هناك رقم سحري لكن إنتاج نحو 500 ألف برميل يومياً سيمنحهم (الأكراد) مزيداً من القوة». وأضاف: لن يكون ذلك كافياً للاستقلال تماماً عن بغداد عند تلك المرحلة لكنه سيقوي موقفهم التفاوضي. وتبادل مسؤولون عراقيون وأكراد الزيارات في وقت سابق هذا العام وقالوا إنهم مستعدون لحل خلافاتهم، لكن المفاوضات لم تحرز تقدماً يذكر .