الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

وردة في عامها الثاني والأربعين

هي وردة انسكب عبيرها في القلوب وطغى على رئات الصدور، يفوح عبقها بأصالة مدثراً مكنون العشق الذي يحيط بتلاتها، نتنفس عطرها الفاخر ونستنشق شذى رحيقها الشافي، انتثر لونها مخضباً النفوس بأريج جمالها الرائع وحسنها الفريد، وردة أينعت متفتحة بإشراقة شمس الفخر والاعتزاز، مضيئة لحنايا الصدور والوجدان. يسطع شعاعها ليبلغ الآفاق بهمة وشموخ زارعيها الذين غرسوها بحب واعتناء، ولطف وحنان، فانغرس حبها بأوتاد غليظة في أواصر القلوب والأرواح، فرعت ساقها حتى اشتد على عرش التقدم والازدهار، متشبثة جذورها بالأرض والتاريخ الأصيل. تنمو وتزخر بفضل أيادٍ حكيمة أيقنت بوجود زهرة صغيرة متفتحة في العقول، متوحدة في سويداء القلوب، فرعَوْها حتى كبرت وأعلنت لنفسها الوجود في مرابع العالم الخضراء، تسقي من كأسها إنسان هذه الأرض الذي بنى وشق طريق الأمل والرقي المتفائل بأدوات الحب المتوحد في صدر كل بيت يتنفس، تروي به ظمأ الوصب الذي أرهق الناس في زمن الشقاء، تحرسها الأعين ساهرة على تحقيق أمنها وتعزيز رخائها وتدعيم منجزاتها وصون حاضرها ومستقبلها اللذين يعتزان بماض يفتخر به الجميع. علا اسمها على سلالم المجد بحروف من ذهب، فصاغت أنشودة لحنها الباسق، مطوقة سماء مجدها وعزتها برداء شاهق، ونسيج براق، مكونة جملتها بوطن فاعل ومشرق، وأمن دائم وكرم مغدق، صنعت تاريخها بسواعد جبارة وأقدام تسرع الخطى نحو الألق والتألق في الأفق، ترسم معاني تختزل لوحة الشرف ودرجة الامتياز لترتقي المركز الأول دائماً وأبداً، بركائز ثابتة ودعائم خالدة وموازين ثقيلة تنتصب على أركان الإرادة الصلبة والمبادئ النبيلة التي امتاز بها الأجداد والآباء المؤسسون وتوارثها منهم الأبناء والأرض بجد واجتهاد، بذلوا فيها الغالي والثمين حتى غدت تلك الوردة الناضجة والمتكاملة التي تسر الناظرين وتضفي شعور الراحة والاستقرار على كل من يعيش على مساحتها الشاسعة بالحب والوصال الدافئ، المتواصل بالأمل والتفاؤل. إنها صاحبة الجلالة والقدر الكريم، والنبراس المتلألئ بقبس من نور صاف، والكوكب الدري اللامع في سماء الكون الواسع، والشهاب الخارق لغلاف الروح فيكون نيزكاً رابضاً في جوف القلب ينبض بحب وغرام نابع من فيضان الهيام الذي يملأ أوصال الجسد ويلمع بين أهداب العين ببصيرة النماء والانتماء، هي قصيدة من الوزن الرفيع، وبحر الطود العظيم، قافيتها نهر يرفل بزهو يرفد القاصي والداني بفرات عذب يجري بشلال العطاء المهيب. تلك هي الإمارات العربية المتحدة الوردة ذات اللون البهيج، نضعها في أكفنا فتسمو قلوبنا وتزدان ببهجة وأسارير، في عامها الثاني والأربعين تمضي نحو استشراف المستقبل بثقة واقتدار، تبني الحاضر بعزيمة وإصرار، تدرك أهمية المنجز الحضاري الذي حققته ولا تزال، ولكن لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستدور العجلة دائماً بهمة الشباب ذوي الرؤى الثاقبة والطموح الجبار. عبداللـه الصوري