الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

نحتاج هذه القيمة الإنسانية

تدهشك بحق مبادرات البعض ومسارعتهم لتقديم المساعدة لكل من يحتاجها، وتستغرب فعلاً كل هذه الحماسة والاندفاع، وتتساءل: هل هناك شعور أو أحاسيس راقية وجميلة تغمر كل من يقدم خدماته للآخرين؟ وما الدافع الحقيقي لمثل هذه الأعمال التطوعية؟ والتي باتت عند البعض كالواجب والإلزام أن يقوم بها، فتجده كالنحلة في كل مناسبة اجتماعية عامة، ينظم ويرتب، وتعتقد لوهلة أنه موظف رسمي، وتفاجأ أنه بعيد كل البعد عن هذه الجهة، أو تلك وفقط هو متطوع للعمل لا أكثر ولا أقل. ظلت القيم الإنسانية، مثل العطاء والإيثار والتضحية والبذل وحب مساعدة الآخرين محل إعجاب وتقدير الجميع في العصور كافة، فهي معان وسلوكيات لا يمكن أن توجد في روح ووجدان كل إنسان، ونعلم جميعاً أنهم قلة من يتحلون بمثل هذه الخصال الجميلة، بل في هذا الزمن قد يكون العدد أقل، أو في تناقص. ولعل العمل التطوعي يجمع هذه الخصال، أو معظمها، ذلك أن هناك تضحية بالوقت ومساعدة للآخرين وبذل دون مقابل، أو انتظار الحصول على حتى كلمة شكر، فالذي قرر أن يقوم بعمل تطوعي هو في الحقيقية يقوم به لنفسه، ليشعر بروحه ويعظم وجوده ويحس بمكانته وأن هناك أناساً بحاجة لخبراته الحياتية، حتى يتمكنوا من السير على الطريق الصحيح، وكلما تنوعت واختلفت الأعمال التطوعية في أي مجتمع كانت فائدتها أكبر وأعم وأشمل. وللتطوع والعمل التطوعي لذة فريدة، حيث يجلب الراحة النفسية وسعادة لا تعلم من أين تنبع، خصوصاً، إذا تمكنت من إتمام عملك بنجاح، وبدأت تشاهد ثماره ونتائجه على الآخرين، ومعظم الذين يعملون في مجال العمل التطوعي يدركون أبعاد هذه الحقيقة، بل هناك من تحدث عنها باستفاضة وشرح، والعلم أيضاً يؤكد مثل هذه النتائج الإيجابية التي ستغمر كل من يمارس العمل التطوعي، ولعل آخرها الدراسة العلمية التي وجد خلالها عدد من الباحثين البريطانيين في جامعة كولومبيا، أن التطوع جيد لصحة القلب حتى في سن مبكرة. ماذا لو سعينا كأفراد إلى نشر مثل هذه القيمة الإنسانية في مفاصل حياتنا كافة، من العمل إلى المنزل وصولاً إلى الأماكن العامة كافة؟ ماذا لو احتوت مناهجنا الدراسية، خصوصاً، للنشء على ما يعزز العمل التطوعي ومساعدة المحتاجين دون انتظار مقابل، وكثفنا تعزيز هذه القيمة النبيلة في المدرسة وفي المنزل ومؤسسات المجتمع كافة، حتماً سوف تكون حياتنا أكثر إيجابية وصحة، بل سيسعى الكثير إلى التقليد في البداية، ثم التنافس على مثل هذه الأعمال التطوعية، لكن بعد مرور بعض الزمن ستتحول إلى مضمار يسابق فيه الكثير، ويكون منبع هذا العمل الروح والرغبة الصادقة في نشر الخير وبث أجواء من السعادة لدى الآخرين، فهي دعوة لتخصيص جزء من أوقاتنا، لتقديم الخدمات ومد يد العون للآخرين المعوزين والفقراء، ليس من أجلهم وحسب، وإنما أيضاً من أجل قلوبكم.