الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حق المرأة في التعليم في الإسلام

جاء الإسلام ورفع من مكانة المرأة بعد أن كانت تسام الذل والعار في عصر الجاهلية، كانت المرأة في المجتمع الجاهلي تمر بظروف صعبة وأحوال غاية في السوء والنكال، وخصوصاً في المجتمعات الجاهلية العربية، فهم كانوا يكرهون بشدة أن تولد لهم الأنثى، وإذا ما رزق أحدهم بأنثى، فإنه سرعان ما يهرع لدفنها في التراب، وهي حية حتى تموت. يا الله ما أقسى هذا المشهد الرهيب الذي يجعل جسد المرء يقشعر عند تخيله فحسب، فكيف بمن يشاهده أو يفعله. أما إذا حالفها الحظ وتركت حية ولم تقتل، فإنها تعيش حياتها مسلوبة، وتحيا من دون أي حقوق أو كرامة، وتبقى ترزح في أغلال الذل والمهانة، وكل تلك المآسي يصورها قول الله تعالى (وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) سورة النحل: الآيتان 58، 59. وقوله تعالى (وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت) سورة التكوير: الآيتان 8، 9. تجرد المرأة من كل الحقوق، فليس لها حظ من ميراث قريبها مهما بلغ غناه ومهما كثرت أمواله، ومهما عانت هي من الفقر والحاجة، فالميراث عندهم مخصوص للرجال من دون النساء، بل وربما عوملت على أنها جزء من الميراث، فكانت تورث عن زوجها الميت كما يورث ماله، وكان الجمع الكثير من النساء يعشن تحت زوج واحد، إذ كانوا لا يتقيدون بعدد محدد من الزوجات غير عابئين بما ينالهن من جراء ذلك من المضايقات والإحراجات والظلم. ما إن أشرقت شمس الإسلام حتى عم العدل والرخاء ورفع الظلم عن المرأة وعادت إليها قيمتها الاعتبارية كإنسانة، وقرر الإسلام أنها شريكة الرجل في مبدأ الإنسانية، قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) سورة الحجرات، الآية 13. كما كفل لها استقلال شخصيتها وجعلها وارثة لا موروثة، كما أوجب رعايتها من قبل الزوج ومعاشرتها بالمعروف إلى آخرها من الحقوق التي رفعت من شأنها وأعلت من مكانتها. رأيت أنه لا بد من الإشارة السابقة حتى ندرك الفرق بين الحالين، وكيف أن المرأة تغير حالها وعلا شأنها، عندما عالج الإسلام جميع قضاياها وكفل كل حقوقها، ومن تلك الحقوق حق التعليم، فهي تتعلم العلم الشرعي والدنيوي من دون مانع يمنعها أو صاد يصدها عن سلوك هذا السبيل العظيم. ولم يقتصر دور المرأة في ظل الإسلام على تعلم العلم وطلبه، بل تعداه إلى المشاركة في تعليمه حتى نشأ لدينا سجل حافل من أعلام النساء العالمات، أولهن أمهات المؤمنين والصحابيات إلى كل عصر وإلى يومنا هذا. وما إن دار الزمان دورته حتى غاب حكم الإسلام عن كثير من المسلمين ورجع المسلمون عن عزهم القهقرى، وأضحت نظرة بعض المجتمعات إلى المرأة المتعلمة نظرة أخرى لا تنم عن روح الإسلام وتعاليمه، ورأينا كم منعت من فتيات عن التعلم مع توق أنفسهن إليه، بحجة أن خروجهن من البيوت عار ومذلة، فأصبحت المرأة تتقلب في دياجير الجهل والعمى، ومن كتب لها أن تتعلم أخذ الجميع ينظر إليها نظرة قاسية، بل وحولوها بمعتقداتهم الخاطئة إلى مشروع عانس بعد أن تتخرج، فلا يمكن للشاب أن يتزوج منها، لأنها لن تعطيه حقوقه، وسوف تتكبر عليه وتتعالى، وسوف تهمل بيتها وأولادها، وهي مع ذلك أضحت كبيرة في السن، فلا تستحق السبق للزواج منها، وهكذا في سلسلة من الاتهامات والمغالطات حتى صارت شبه مسلمات عند تلك المجتمعات إلا من رحم الله. لقد كفل الإسلام للمرأة حق التعليم، رغم أنوف من يريدون تجهيلها، وسلب هذا الحق منها، وهي رغم ما تواجهه من معوقات وصعوبات سوف تستمر في شق طريقها ولو على الصخر، فلها نفس تواقة لن تصدها سهام المغرضين، أو أقاويل المبطلين، متخذة من قول الشاعر نبراساً لها: وإذا كانت النفوس كباراً .. تعبت في مرادها الأجسام شروق سليم العايدي * الكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية