السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الفتيان .. النداء للحياة

بين جيلين يولد جيل تصطاده الكماشة، فليس بالإمكان نسبه إلى الماضي المشرف لأجداده المسلمين، ولا بالإمكان نسبه إلى الحاضر المهيض أيضاً. الفتيان الذين على كواهلهم تبنى أمجاد الأمم، ومنها تتهاوى العروش أين هم الآن؟ ماذا يتوقع منهم في زمن يتمادى في تكريس التشويه والعقد النفسية؟ هل بالإمكان القول إن مؤامرة ما تنسج، كي تهدم الأمة التي جللتها الشمس، واستظلت قديماً بحماها ربوع الأرض؟. في أمسية للنادي الثقافي العربي في الشارقة قدمت إضاءة لكتاب الرافد لهذا الشهر تحت عنوان: صناعة الأجيال في الحضارة الإسلامية للدكتور صالح محمد زكي اللهيبي، وتأزم النقاش في النظرة المستقبلية إلى الفتيان، وكيف يفهمون الفتوة، أتراهم ما يزالون يرونها خلقاً وديناً مجللين بقوة عقلية وبدنية، كما كانت في العصر الإسلامي، أم ابتعدت بمفهومها، انسياقاً وراء مفاهيم معاصرة تخضع لحسابات مادية خاصة، وتغدو القيم تدور في أفلاكها؟ يذكر الكاتب أن الخليفة العباسي الناصر لدين الله، عندما عصفت الأزمات بالأمة الإسلامية، وتفاقم الطمع من المغولي إلى السلجوقي، وغيره استطاع بحنكته، وذكائه أن يشكل فئة من الفتيان سن لهم منشوراً يتضمن القوانين، والألعاب، واللباس الخاص، وابتناها على الفروسية، والأخلاق موازياً بين الجانبين المادي والروحي، كما تشهد تعاليم الإسلام، فكانت مهيئة لحماية البلاد، وصد الأعداء، وعمم نظام الفتوة في جميع الممالك الإسلامية، فكان في عهده أن بلغت الخلافة العباسية قمة نفوذها ومجدها، ما حدا بالمستشرق الألماني «بروكلمان» إلى وصف الناصر لدين الله بقوله «إن هذا الخليفة آخر دهاة بني العباس». هل استكشف هذا الخليفة سر القرآن الكريم في نعته الشباب بالفتية في أكثر من آية كريمة، وأنهم حين يكون لهم ما يشغلهم، وما يناسبهم تؤتي جناتهم مأكلها الطيب؟ يبدو أن نظام الفتوة تورث في المجتمعات البشرية المتعاقبة، فأحسن استغلاله، أو أسيء باعتبار السياسات العامة، أوالخاصة، فأوجدت المنظمات الكشافية، والطلائعية، والشبابية، وانبثق مصطلح البلطجي في بعضها، والشبيح في أخرى. ما يجري في بعض البلدان العربية واسع الدلالة على هذا التوارث الذي خضع له فكر الخلق، فقد أيقن الخبثاء أن الشباب في حماستهم سيوف ذات أنصال حادة، فراحوا يجلونها كما يودون، في سبيل خدمة مآربهم الشريرة. قد تحظى البلدان بعاشق للفتوة يعقد على جبينها رايات البياض التي تتقد لها الحياة؟ [email protected]