الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

اختصار الزمن بالتحكيم

يعتبر التحكيم في مجال القانون من أهم وأبرز الوسائل المدنية لحل جميع النزاعات والخلافات، لسرعته وعدم تعقيده، حيث يعرّف بأنه أسلوب اتفاقي لحل النزاعات بعيداً عن فضاء القضاء سواء أكانت الجهة منظمة، أو مركز تحكيم، أو أي صبغة تضمن ذلك، ويمكن أن تتألف هيئة التحكيم من محكّم واحد أو أكثر، يكون دوره الأساس هو الفصل في النزاعات وفقاً لشروط التحكيم ومبادئه المتفق عليها سابقاً. وبرغم اختلاف الروايات عن موعد ظهوره، إلا أنه يحكى عن تداوله في العصر الفرعوني نتيجة النهضة الحضارية والاقتصادية والسياسية التي واكبت تلك الحقبة المهمة، وكذلك هناك إشارات أخرى تؤكد ظهوره في العصر الروماني والإغريقي أيضاً، ويبقى ذكره صراحة في القرآن الكريم في أكثر من آية، وتتصدرها حادثة غنم القوم، وبالتالي اكتساب الشرعية الكاملة، حيث حُكم على داود وسليمان عليهما السلام بالتعويض لصاحب الضرر الذي تأثر حرثه من نفش الغنم فيه، حيث قال سبحانه وتعالى: «وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِين» الأنبياء: 78، أكبر دليل على اعتماده. بالإضافة لذلك نتذكر قيام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بحل النزاع الذي شب في قريش عندما قرروا هدم الكعبة وإعادة بنائها، والذي يعرف بحادثة الحجر الأسود. أما في تاريخنا الحديث فيتصدر موضوع الحدود المصرية الإسرائيلية ذلك، حينما استعادت مصر الجزء الأكبر من سيناء بعد أعوام عديدة من احتلالها، عن طريق التحكيم. وتبرز سرعة البت في الخلافات والاستقلالية كإحدى أهم سمات التحكيم لاعتماده على اتفاق جميع الأطراف، وكذلك عدم الحاجة لتوكيل محامين للترافع، فيما يبقى الأهم من هذا كله كون قرار التحكيم في بعض الدول نهائياً، وبالتالي لا يدخل فيه التميز أو التظلم، بالمقابل يتصدر موضوع التكلفة المادية الباهظة لبعض الخلافات وبالتحديد التجارية منها العيوب نتيجة تقاضي بعض المحكمين نسباً معينة من قيمة الصفقة المتنازع عليها، وكذلك يطفو على السطح غياب الثقة بين المحكّمين والخصوم في بعض الأحيان. ويبقى أن نشير إلى أن لكل دولة شروطاً وأسساً لممارسته، ولا تختص بدارسي القانون فقط. محامية