أتلقى ديني من الدعاة

 أتلقى بين حين وآخر بعض الرسائل على الإيميل، وبحق فإنني أجد في البعض منها آراء تستحق التوقف معها ملياً، وأخرى مع الأسف الشديد تلمس فيها بلا أدنى شك سطحية وتواضعاً معرفياً. ليست هذه المشكلة، لأنه يمكن الاستفادة والحوار والنقاش مع الجميع، خصوصاً إذا كان الحوار بعيداً عن التشنج والعصبية أو الكلمات السوقية. المعضلة الحقيقية تتعلق في حديث البعض وتصديهم لموضوع ما دون أن يكون لديهم أبسط المعلومات حوله، وأنا لا أقصد المعلومات الدقيقة والتخصصية، بل أشير إلى المعلومات العامة التي يعرفها معظم الناس وتكون بديهية، حيث تفاجأ بأن فلاناً من الناس يتحدث وينافح، بل تشعر مع كلماته بأن لديه حول الموضوع حصيلة معرفية جديدة وفريدة ولا يملكها إلا هو، لكن يصدمك تناوله وسطحية معلوماته. لن أذهب بعيداً، وأستحضر مثالاً من رسالة وصلتني أخيراً، من شخص كان يعلق خلالها على مقال تناولت خلاله اختطاف ديننا، ومحاولة استخدامه لتحقيق أهداف شخصية من جماعات أو أفراد. أهداف لا تمت لواقع ديننا الإسلامي بأي صلة لا من قريب أو بعيد. هذا الأخ الذي يظهر سطحية حتى في معرفة بكيفية تعلم دينه يقول: «نحن نتلقى ديننا من العلماء والدعاة، ونحن نفداهم». وهذا بالضبط الذي كنت أشير إليه في أكثر من مقال وهو هذا الولاء المطلق لكل شخص يرفع شعار الدين ويتلبس ببعض المظاهر فيصدقه الناس ويكون عندهم ولاء مطلق له ولأمثاله، فيحرمون ويحللون على كيفهم والدين أبعد ما يكون عنهم. أتذكر تغريدة لأحد المغردين ـ نسيت اسمه ـ قال إنه قام بحرق جميع صوره وهو طفل وهي صور معبرة وتحمل ذكريات جميلة، أحرقها بسبب فتاوى تحريمها من بعض زعماء جماعات إسلامية أو ما يسمون بالدعاة، وإنه اليوم فوجئ تماماً بأن هؤلاء الدعاة ينشرون صوراً لهم وهم أطفال وشباب، بل وصور أبنائهم أيضاً. هذه الكلمات قد تكون أشبه بالطرفة التي تضحكنا، لكن صدقوني بناء على فتاوى أكثر خطورة قتل كثير من الناس، وبسبب فتاوى من هذه الزمر تم اقتياد شباب في مقتبل العمر لإلقاء أنفسهم للتهلكة، وديننا واللـه براء تماماً. لهذا الأخ الذي أرسل إليّ وإلى كل من رهن عقله وحياته لفكر هؤلاء المريض، لا بأس أن تكون منحرفاً وتنساق لفكر منحرف، لكن لا تقل أبداً إنك تتبع تعاليم ديننا الحنيف، ولا تقل إنك على نهج محمد صلى اللـه عليه وسلم، لأنك بعيد تماماً عن دين السلام والمحبة والخير. [email protected]