السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

نوكيا

كل مرة أسأل نفسي: ماذا لو استغنيت عن هاتفي الذكي، وعدت أبحث عن هاتفي القديم نوكيا؟ هل سيتخلى العالم الرقمي عني، وسأفتقد ذاتي من خلال المتتبعين والمتابعين أم سيكون تغييراً صحياً لمفاصل أصابعي وفكري، وتركيزاً أقوى لنظري الذي يكاد يتناقص يوماً بعد يوم مع هذه الشاشات والأجهزة التي لا نفارقها لا ليلاً ولا نهاراً؟ بت أشتاق للمكالمات الحميمة مع الصديقات والأخوات، افتقدت تلك الألفة والسؤال بيني وبينهم في كل حدث ومناسبة، السؤال عن الحال، العزائم والمناسبات الاجتماعية، العزاء، والبحث عن الأماكن. هناك من اجتمعن في غرفة واحدة تسمى (واتس أب)، لا تشعر فيها إلا بطقطقة أصابعك المرهقة، وعيناك اللتين لو اشتكتا لخالقهما لأنصفهما منك. يا الله وأنا أكتب هذا المقال أشعر بتعاستنا مع هذه الأجواء الرقمية، ومحاولة التغيير التي لن تجدي مهما حاولنا ذلك، وبنفس الوقت الحاجة والرغبة للعودة إلى البساطة التي جمعتنا تحت سقف الحكايات العفوية مع الأهل والأقارب. اليوم وأنا أتناول كأساً من عصير البرتقال مع البنات في أحد المراكز التجارية، على الجانب الآخر كان زوج مع زوجته جاءا لتناول الإفطار، وهما لم يفارقا شاشات هواتفهما الذكية، لستُ ممن يراقب الناس، ولكن لفت نظري هذا المشهد، وهو كما حسبته مؤلماً، كيف لهما أن يعيشا جو هذا المكان وتناول الطعام، وهما لم يهتما في خلوتهما هذه بمسمى أجمل؟ ويبتعدا كلياً عما يزيد فجوة علاقتهما مع بعض. المشكلة نحن لا نرغب في التغيير، في داخلنا شيطان متمرد يواكب هذه الأضواء والأخبار والمواقع المختلفة الاجتماعية، أو لنقل هو إدمان يزيد في تشتت أذهاننا ومحاولاتنا وترددنا للتغيير. صعب جداً أعتقد بالنسبة لي وربما لكَ أيضاً أو لكِ أو لكم أنتم بغض النظر عن مسمى الإرادة الحديدية التي يتمسك بها الأغلب للتغيير نحو الأفضل والعودة إلى الحياة القريبة إلى الذات والحياة الاجتماعية. نحن بحاجة إلى تعديل أنظمة حياتنا وبرمجتها من الآن بطريقة أو أخرى تفادياً لعواقب ومضار قد تتراكم بمرور السنوات على عقولنا وأجسادنا تحت أخطار هذه التكنولوجيا الساحرة التي استطاعت أن تبحر بنا، وتشق عباب البحار والمحيطات والكون الكبير بضغطة زر، وكرّ وفرّ. [email protected]