الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

«احنا بنشتري راجل»

«احنا بنشتري راجل» .. تلك العبارة الشهيرة التي يرددها الأهل عندما يتقدم شاب لخطبة ابنتهم، ثم يبدؤون في فرض الشروط التعجيزية من شبكة ومهر وقائمة بالأثاث ومؤخر صداق خيالي .. إلخ، ويختتمون الطلبات بالجملة المعروفة نحن نعطيك أغلى ما لدينا ونحاول الحفاظ على مستقبل وحقوق ابنتنا الغالية. شروط تعجيزية تنتهي في أغلب الأحيان بتطفيش العريس، والهروب من أقرب شباك، حتى لا يظل طوال حياته رهناً للديون التي سيقترضها من أجل إتمام الزواج، أما القلة القليلة التي ترضخ لهذه الشروط فتستيقظ عقب إتمام الزواج على وضعها المادي المأساوي، وتبدأ المشاكل والخناقات على أتفه الأسباب، وفي الأغلب تنتهي بالانفصال أو الطلاق وخراب الديار. من الأمور الغريبة التي أصبحت منتشرة للأسف الشديد إصرار الزوج على عدم التطليق إلا بشرط إبرائه من الالتزامات التي كتبها على نفسه أو اللجوء للقضاء في معركة تأبى معظم العائلات الدخول فيها من أجل تخليص ابنتهم من هذه الزيجة الفاشلة. إن الزواج شراكة قائمة على السكينة والرحمة والمودة وإنجاب الأطفال وتنشئتهم تنشئة سليمة قائمة على التعاطف والحب، وليس صفقة مادية تبيع بمقتضاها الأسرة ابنتها إلى الرجل الجاهز الغني. إن الشروط المادية المبالغ فيها تضع حواجز مباشرة بين الزوجين، فالرجل يذكر المرأة بما أنفقه من أجل الزواج بها بينما تنظر المرأة إلى الرجل أنه أصبح مادياً ولم يحتكرها أو يشتريها بأمواله، وتنشب بينهما الخلافات على كل كبيرة وصغيرة. أحد أصدقائي المقربين لاحظ ارتفاع نسبة زواج الوافدين الشباب العرب من بعض الجنسيات الآسيوية، وسألني باستغراب شديد لماذا لا يتزوجون من الفتيات العرب وهم أجمل وأكثر تعليماً وديناً؟ أجبته ببساطة لأن هؤلاء النسوة مطالبهن بسيطة كل ما تبحث عنه رجل يحميها ويسترها، ولا يبالغن في المطالب المادية لأنهن يعلمن أنه بحسن المعاملة يمكنهن أن يأخذن عيون الرجل إن أردن ولكننا نفعل العكس تماماً، الغريب أنهن يفعلن ما تربينا عليه في مجتمعاتنا العربية من مطالب بسيطة ومشاعر وعناية واهتمام بالرجل، وتكون النتيجة أن يعطيها الرجل حياته بنفس راضية، وينجحا في الاستمرار. الزواج رحمة وتراحم وود وسكينة وهدوء، وليس معركة حربية وضمانات مادية.